"""""" صفحة رقم ١٤٧ """"""
به من المجازاة على كفرهم وعبر عن المستقبل بلفظ الماضي تنبيها على تحقق وقوعه وقيل إن المراد بأمر الله حكمه بذلك وقد وقع وأتى فأما المحكوم به فإنه لم يقع لأنه سبحانه حكيم بوقوعه فى وقت معين فقبل مجئ ذلك الوقت لا يخرج إلى الوجود وقيل إن المراد بإتيانه إتيان مباديه ومقدماته ) فلا تستعجلوه ( نهاهم عن استعجاله أى فلا تطلبوا حضوره قبل ذلك الوقت وقد كان المشركون يستعجلون عذاب الله كما قال النضر بن الحارث ) اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك ( الآية والمعنى قرب أمر الله فلا تستعجلوه وقد كان استعجالهم له على طريقة الاستهزاء من دون استعجال على الحقيقة وفى نهيهم عن الاستعجال تهكم بهم ) سبحانه وتعالى عما يشركون ( أى تنزه وترفع عن إشراكهم أو عن أن يكون له شريك وشركهم ههنا هو ما وقع منهم من استعجال العذاب أو قيام الساعة استهزاء وتكذيبا فإنه يتضمن وصفهم له سبحانه بأنه لا يقدر على ذلك وأنه عاجز عنه والعجز وعدم القدرة من صفات المخلوق لا من صفات الخالق فكان ذلك شركا
النحل :( ٢ ) ينزل الملائكة بالروح.....
) ينزل الملائكة بالروح من أمره ( قرأ المفضل عن عاصم تنزل الملائكة والأصل تتنزل فالفعل مسند إلى الملائكة وقرأ الأعمش تنزل على البناء للمفعول وقرأ الجعفى عن أبى بكر عن عاصم ننزل بالنون والفاعل هو الله سبحانه وقرأ الباقون ينزل الملائكة بالياء التحتية إلا أن ابن كثير وأبا عمرو يسكنان النون والفاعل هو الله سبحانه ووجه اتصال هذه الجملة بما قبلها أنه ( ﷺ ) لما أخبرهم عن الله أنه قد قرب أمره ونهاهم عن الاستعجال ترددوا فى الطريق التى علم بها رسول الله ( ﷺ ) بذلك فأخبر أنه علم بها بالوحى على ألسن رسل الله سبحانه من ملائكته والروح الوحى ومثله ) يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده ( وسمى الوحى روحا لأنه يحيى قلوب المؤمنين فإن من جملة الوحى القرآن وهو نازل من الدين منزلة الروح من الجسد وقيل المراد أرواح الخلائق وقيل الروح الرحمة وقيل الهداية لأنها تحيا بها القلوب كما تحيا الأبدان بالأرواح قال الزجاج الروح ما كان فيه من الله حياة بالإرشاد إلى أمره وقال أبو عبيد الروح هنا جبريل وتكون الباء على هذا بمعنى مع ومن فى من أمره بيانية أى بأشياء أو مبتدئا من أمره أو صفة للروح أو متعلق بينزل ومعنى ) على من يشاء من عباده ( على من اختصه بذلك وهم الأنبياء ) أن أنذروا ( قال الزجاج أن أنذروا بدل من الروح أى ينزلهم بأن أنذروا وأن إما مفسرة لأن تنزل الوحى فيه معنى القول وإما مخففة من الثقيلة وضمير الشأن مقدر أى بأن الشأن أقول لكم أنذروا أى أعلموا الناس ) أنه لا إله إلا أنا ( أى مروهم بتوحيدى وأعلموهم ذلك مع تخويفهم لأن فى الإنذار تخويفا وتهديدا والضمير فى أنه للشأن ) فاتقون ( الخطاب للمستعجلين على طريق لالتفات وهو تحذير لهم من الشرك بالله
النحل :( ٣ ) خلق السماوات والأرض.....
ثم إن الله سبحانه لما أرشدهم إلى توحيده ذكر دلائل التوحيد فقال ) خلق السماوات والأرض بالحق ( أى أوجدهما على هذه الصفة التى هما عليهما بالحق أى للدلالة على قدرته ووحدانيته وقيل المراد بالحق هنا الفناء والزوال ) تعالى ( الله ) عما يشركون ( أى ترفع وتقدس عن إشراكهم أو عن شركة الذى يجعلونه شريكا له
النحل :( ٤ ) خلق الإنسان من.....
ثم لما كان نوع الإنسان أشرف أنواع المخلوقات السفلية قدمه وخصه بالذكر فقال ) خلق الإنسان ( وهو اسم لجنس هذا النوع ) من نطفة ( من جماد يخرج من حيوان وهو المنى فنقله أطوارا إلى أن كملت صورته ونفخ فيه الروح وأخرجه من بطن أمه إلى هذه الدار فعاش فيها ) فإذا هو ( بعد خلقه على هذه الصفة ) خصيم ( أى كثير الخصومة والمجادلة والمعنى أنه كالمخاصم لله سبحانه فى قدرته ومعنى ) مبين ( ظاهر الخصومة وأضحها وقيل يبين عن نفسه ما يخاصم به من الباطل والمبين هو المفصح عما فى ضميره بمنطقة ومثله قوله تعالى ) أو لم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين )
النحل :( ٥ ) والأنعام خلقها لكم.....
ثم عقب ذكر خلق الإنسان بخلق