"""""" صفحة رقم ١٦٤ """"""
فى شأن الله سبحانه وفى رضاه وقيل ) في الله ( فى دين الله وقيل فى بمعنى اللام أى لله ) من بعد ما ظلموا ( أى عذبوا وأهينوا فإن أهل مكة عذبوا جماعة من المسلمين حتى قالوا ما أرادوا منهم فلما تركوهم هاجروا وقد اختلف فى سبب نزول الآية فقيل نزلت فى صهيب وبلال وخباب وعمار واعترض بأن السورة مكية وذلك يخالف قوله ) والذين هاجروا ( وأجيب بأنه يمكن أن تكون هذه الآية من جملة الآيات المدنية فى هذه السورة كما قدمنا فى عنوانها وقيل نزلت فى أبى جندل بن سهيل وقيل نزلت فى أصحاب محمد ( ﷺ ) لما ظلمهم المشركون بمكة وأحرجوهم حتى لحق طائفة منهم بالحبشة ) لنبوئنهم في الدنيا حسنة (
اختلف فى معنى هذا على أقوال فقيل المراد نزولهم المدينة قاله ابن عباس والحسن والشعبى وقتادة وقيل المراد الرزق الحسن قاله مجاهد وقيل النصر على عدوهم قال الضحاك وقيل ما استولوا عليه من فتوح البلاد وصار لهم فيها من الولايات وقيل ما بقى لهم فيها من الثناء وصار لأولادهم من الشرف ولا مانع من حمل الآية على جميع هذه الأمور ومعنى ) لنبوئنهم في الدنيا حسنة ( لنبوئنهم مباءة حسنة أو تبوئة حسنة فحسنة صفة مصدر محذوف ) ولأجر الآخرة ( أى جزاء أعمالهم فى الآخرة ) أكبر ( من أن يعلمه أحد من خلق الله قبل أن يشاهده ومنه قوله تعالى ) وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا ( ) لو كانوا يعلمون ( أى لو كان هؤلاء الظلمة يعلمون ذلك وقيل إن الضمير فى يعلمون راجع إلى المؤمنين أى لو رأوا ثواب الآخرة وعاينوه لعلموا أنه أكبر من حسنة الدنيا
النحل :( ٤٢ ) الذين صبروا وعلى.....
) الذين صبروا ( الموصول فى محل نصب على المدح أو الرفع على تقدير مبتدأ أو هو بدل من الموصول الأول أو من الضمير فى ) لنبوئنهم ( ) وعلى ربهم يتوكلون ( أى على ربهم خاصة يتوكلون فى جميع أمورهم معرضين عما سواه والجملة معطوفة على الصلة أو فى محل نصب على الحال
النحل :( ٤٣ ) وما أرسلنا من.....
) وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم ( قرأ حفص عن عاصم نوحى بالنون وقرأ الباقون يوحى بالياء التحتية وهذه الآية رد على قريش حيث زعموا أن الله سبحانه أجل من أن يرسل رسولا من البشر فرد الله عليهم بأن هذه عادته وسنته أن لا يرسل إلا رجالا من البشر يوحى إليهم وزعم أبو علي الجبائي أن معنى الآية أن الله سبحانه لم يرسل إلى الأنبياء بوحيه إلا من هو على صورة الرجال من الملائكة ويرد عليه بأن جبريل كان يأتى رسول الله ( ﷺ ) على صور مختلفة ولما كان كفار مكة مقرين بأن اليهود والنصارى هم أهل العلم بما أنزل الله فى التوراة والإنجيل صرف الخطاب إليهم وأمرهم أن يرجعوا إلى أهل الكتاب فقال ) فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ( أى فاسألوا أيها المشركون مؤمن أهل الكتاب إن كنتم لا تعلمون فإنهم سيخبرونكم أن جميع الأنبياء كانوا بشرا أو اسألوا أهل الكتاب من غير تقييد بمؤمنيهم كما يفيده الظاهر فإنهم كانوا يعترفون بذلك ولا يكتمونه وقيل المعنى فاسألوا أهل القرآن
النحل :( ٤٤ ) بالبينات والزبر وأنزلنا.....
و ) بالبينات والزبر ( يتعلق بأرسلنا فيكون داخلا فى حكم الاستثناء مع رجالا وأنكر الفراء ذلك وقال إن صفة ما قبل إلا لا تتأخر إلى ما بعدها لأن المستثنى عنه هو مجموع ما قبل إلا مع صلته كما لو قيل أرسلنا إلا رجالا بالبينات فلما لم يصر هذا المجموع مذكورا بتمامه امتنع إدخال الاستثناء عليه وقيل فى الكلام تقديم وتأخير والتقدير وما أرسلنا من قبلك بالبينات والزبر إلا رجالا وقيل يتعلق بمحذوف دل عليه المذكور أى أرسلناهم بالبينات والزبر ويكون جوابا عن سؤال مقدر كأنه قيل لماذا أرسلهم فقال أرسلناهم بالبينات والزبر وقيل متعلق بتعلمون على أنه مفعوله والباء زائدة أى إن كنتم لا تعلمون بالبينات والزبر وقيل متعلق برجالا أى رجالا متلبسين بالبينات والزبر وقيل بنوحى إليهم بالبينات والزبر وقيل منصوب بتقدير أعنى والباء زائدة وأهل الذكر هم أهل