"""""" صفحة رقم ١٧٤ """"""
أحياها بالنبات بعد أن كانت يابسة لا حياة بها ) إن في ذلك ( الإنزال والإحياء ) لآية ( أى علامة دالة على وحدانيته وعلى بعثه للخلق ومجازاتهم ) لقوم يسمعون ( كلام الله ويفهمون ما يتضمنه من العبر ويتفكرون فى خلق السموات والأرض
النحل :( ٦٦ ) وإن لكم في.....
) وإن لكم في الأنعام لعبرة ( الأنعام هى الإبل والبقر والغنم ويدخل فى الغنم المعز والعبرة أصلها تمثيل الشيء بالشيء ليعرف حقيقته بطريق المشاكلة ومنه ) فاعتبروا يا أولي الأبصار ( وقال أبو بكر الوارق العبرة فى الأنعام تسخيرها لأربابها وطاعتها لهم والظاهر أن العبرة هى قوله ) نسقيكم مما في بطونه ( فتكون الجملة مستأنفة لبيان العبرة قرأ أهل المدينة وابن عامر وعاصم فى رواية أبى بكر نسقيكم بفتح النون من سقى يسقى وقرأ الباقون وحفص عن عاصم بضم النون من أسقى يسقى قيل هما لغتان قال لبيد سقى قومى بنى مجد وأسقى
نميرا والقبائل من هلال
وقرئ بالتاء الفوقية على أن الضمير راجع إلى الأنعام وقرئ بالتحتية على إرجاع الضمير إلى الله سبحانه وهما ضعيفتان وجميع القراء على القراءتين الأوليين والفتح لغة قريش والضم لغة حمير وقيل إن بين سقى وأسقى فرقا فإذا كان الشراب من يد الساقى إلى فم المسقى فيقال سقيته وإن كان بمجرد عرضه عليه وتهيئته له قيل أسقاه والضمير فى قوله ) مما في بطونه ( راجع إلى الأنعام قال سيبويه العرب تخبر عن الأنعام بخبر الواحد وقال الزجاج لما كان لفظ الجمع يذكر ويؤنث فيقال هو الأنعام وهى الأنعام جاز عود الضمير بالتذكير وقال الكسائى معناه مما فى بطون ما ذكرنا فهو على هذا عائد إلى المذكور قال الفراء وهو صواب وقال المبرد هذا فاش فى القرآن كثير مثل قوله للشمس ) هذا ربي ( يعنى هذا الشيء الطالع وكذلك ) وإني مرسلة إليهم بهدية ( ثم قال ) فلما جاء سليمان ( ولم يقل جاءت لأن المعنى جاء الشيء الذى ذكرنا انتهى ومن ذلك قوله ) إن هذه تذكرة فمن شاء ( ومثله قول الشاعر مثل الفراخ نيفت حواصله
ولم يقل حواصلها وقول الآخر
وطاب إلقاح اللبان وبرد
ولم يقل وبردت وحكى عن الكسائى أن المعنى مما فى بطون بعضه وهى الإناث لأن الذكور لا ألبان لها وبه قال أبو عبيدة وحكى عن الفراء أنه قال النعم والأنعام واحد يذكر ويؤنث ولهذا تقول العرب هذه نعم وارد فرجع الضمير إلى لفظ النعم الذى هو بمعنى الأنعام وهو كقول الزجاج ورجحه ابن العربى فقال إنما يرجع التذكير إلى معنى الجمع والتأنيث إلى معنى الجماعة فذكره هنا باعتبار لفظ الجمع وأنثه فى سورة المؤمنين باعتبار لفظ الجماعة ) من بين فرث ودم ( الفرث الزبل الذى ينزل إلى الكرش فإذا خرج منه لم يسم فرثا يقال أفرثت الكرش إذا أخرجت ما فيها والمعنى أن الشئ الذى تأكله يكون منه ما فى الكرش وهو الفرث ويكون منه الدم فيكون أسفله فرثا وأعلاه دما وأوسطه ) لبنا ( فيجرى الدم فى العروق واللبن فى الضروع ويبقى الفرث كما هو ) خالصا ( يعنى من حمرة الدم وقذارة الفرث بعد أن جمعهما وعاء واحد ) سائغا للشاربين ( أى لذيذا هنيئا لا يغص به من شربه يقال ساغ الشراب يسوغ سوغا أى سهل مدخله فى الحلق
النحل :( ٦٧ ) ومن ثمرات النخيل.....
) ومن ثمرات النخيل والأعناب ( قال ابن جرير التقدير ومن ثمرات النخيل والأعناب ما تتخذون فحذف ما ودل على حذفه قوله منه وقيل هو معطوف على الأنعام والتقدير وإن لكم من ثمرات النخيل والأعناب لعبرة ويجوز أن يكون معطوفا على مما فى بطونه أى نسقيكم مما فى بطونه ومن ثمرات النخيل ويجوز أن يتعلق بمحذوف دل عليه ما قبله تقديره ونسقيكم من ثمرات النخيل ويكون على هذا ) تتخذون منه سكرا ( بيانا للإسقاء وكشفا عن حقيقته ويجوز أن يتعلق بتتخذون تقديره ومن ثمرات النخيل والأعناب ثمر تتخذون منه سكرا ويكون تكرير الظرف وهو قوله منه للتأكيد كقولك زيد فى الدار فيها وإنما ذكر الضمير


الصفحة التالية
Icon