"""""" صفحة رقم ١٧٨ """"""
والعلم والفهم وقوة البدن وضعفه والحسن والقبح والصحة والسقم وغير ذلك من الأحوال وقيل معنى الآية أن الله سبحانه أعطى الموالى أفضل مما أعطى مماليكهم بدليل قوله ) فما الذين فضلوا برادي رزقهم على ما ملكت أيمانهم ( أى فما الذين فضلهم الله بسعة الرزق على غيرهم برادى رزقهم الذى رزقهم الله إياه على ما مكلت أيمانهم من المماليك ) فهم ( أى المالكون والمماليك ) فيه ( أى فى الرزق ) سواء ( أى لا يردونه عليهم بحيث يساوونهم فالفاء على هذا للدلالة على أن التساوى مترتب على التراد أى لا يردونه عليهم ردا مستتبعا للتساوى وإنما يردون عليهم منه شيئا يسيرا وهذا مثل ضربه الله سبحانه بعبدة الأصنام أى إذا لم يكونوا عبيدكم معكم سواء ولا ترضون بذلك فكيف تجعلون عبيدى معى سواء والحال أن عبيدكم مساوون لكم فى البشرية والمخلوقية فلما لم تجعلوا عبيدكم مشاركين لكم فى أموالكم فيكف تجعلون بعض عباد الله سبحانه شركاء له فتعبدونهم معه أو كيف تجعلون بعض مخلوقاته كالأصنام شركاء له فى العبادة ذكر معنى هذا ابن جرير ومثل هذه الآية قوله سبحانه ) ضرب لكم مثلا من أنفسكم هل لكم من ما ملكت أيمانكم من شركاء في ما رزقناكم ( وقيل إن الفاء فى فهم فيه سواء بمعنى حتى ) أفبنعمة الله يجحدون ( حيث تفعلون ما تفعلون من الشرك والنعمة هى كونه سبحانه جعل المالكين مفضلين على المماليك وقد قرئ يجحدون بالتحتيه والفوقية قال أبو عبيدة وأبو حاتم وقراءة الغيبة أولى لقرب المخبر عنه ولأنه لو كان خطابا لكان ظاهره للمسلمين والاستفهام للإنكار والفاء للعطف على مقدر أى يشركون به فيجحدون نعمته ويكون المعنى على قراءة الخطاب أن المالكين ليسوا برادى رزقهم على مماليكهم بل أنا الذى أرزقهم وإياهم فلا يظنوا أنهم يعطونهم شيئا وإنما هو رزقى أجريه على أيديهم وهم جميعا فى ذلك سواء لا مزية لهم على مماليكهم فيكون المعطوف عليه المقدر فعلا يناسب هذا المعنى كأن يقال لا يفهمون ذلك فيجحدون نعمة الله
النحل :( ٧٢ ) والله جعل لكم.....
ثم ذكر سبحانه الحالة الأخرى من أحوال الإنسان فقال ) والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا ( قال المفسرون يعنى النساء فإنه خلق حواء من ضلع آدم أو المعنى خلق لكم من جنسكم أزواجا لتستأنسوا بها لأن الجنس يأنس إلى جنسه ويستوحش من غير جنسه وبسبب هذه الأنسة يقع بين الرجال والنساء ما هو سبب للنسل الذى هو المقصود بالزواج ولهذا قال ) وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ( الحفدة جمع حافد يقال حفد يحفد حفدا وحفودا إذا أسرع فكل من أسرع فى الخدمة فهو حافد قال أبو عبيد الحفد العمل والخدمة قال الخليل بن أحمد الحفدة عند العرب الخدم ومن ذلك قول الشاعر وهو الأعشى كلفت مجهولنا نوقا يمانية
إذ الحداة على أكتافها حفدوا
أى الخدم والأعوان وقال الأزهرى قيل الحفدة أولاد الأولاد وروى عن ابن عباس وقيل الأختان قاله ابن مسعود وعلقمة وأبو الضحى وسعيد بن جبير وإبراهيم النخعى ومنه قول الشاعر فلو أن نفسى طاوعتنى لأصبحت
لها حفد مما تعد كثير
ولكنها نفس على أبية
عيوف لأصهار اللئام قذور
وقيل الحفدة الأصهار قال الأصمعى الختن من كان من قبل المرأة كابنها وأخيها وما أشبههما والأصهار منهما جميعا يقال أصهر فلان إلى باي فلان وصاهر وقيل هم أولاد إمرأة الرجل من غيره وقيل الأولاد الذين يخدمونه وقيل البنات الخادمات لأبيهن ورجح كثير من العلماء أنهم أولاد الأولاد لأنه سبحانه امتن على


الصفحة التالية
Icon