"""""" صفحة رقم ١٩٥ """"""
السيوف وكانا يقرآن كتابا لهم وقيل كانا يقرآن التوارة والإنجيل وقيل عنوا سلمان الفارسى وقيل عنوا نصرانيا بمكة اسمه بلعام وكان يقرأ التوراة وقيل عنوا رجلا نصرانيا كان اسمه أبا ميسرة يتكلم بالرومية وفى رواية اسمه عداس قال النحاس وهذه الأقوال غير متناقضة لأنه يجوز أنهم زعموا أنهم جميعا يعلمونه ولكن لا يمكن الجمع باعتبار قول من قال إنه سلمان لأن هذه الآية مكية وهو إنما أتى إلى النبى ( ﷺ ) بالمدينة ثم أجاب سبحانه عن قولهم هذا فقال ) لسان الذي يلحدون إليه أعجمي ( الإلحاد الميل يقال لحد وألحد أى مال عن القصد وقد تقدم فى الأعراف وقرأ حمزة والكسائى يلحدون بفتح الياء والحاء وقرأ من عداهما بضم الياء وكسر الحاء أى لسان الذين يميلون إليه ويزعمون أنه يعلمك أعجمى يقال رجل أعجم وامرأة عجماء أى لا يفصحان والعجمة الإخفاء وهى ضد البيان والعرب تسمى كل من لا يعرف لغتهم ولا يتكلم بها أعجميا قال الفراء الأعجم الذى فى لسانه عجمة وإن كان من العرب والأعجمى هو العجمى الذى أصله من العجم وقال أبو على الفارسى العجمى المنسوب إلى العجم الذى لا يفصح سواء كان من العرب أو من العجم وكذلك الأعجم والأعجمى المنسوب إلى العجم وإن كان فصيحا ) وهذا لسان عربي مبين ( الإشارة إلى القرآن وسماه لسانا لأن العرب تقول للقصيدة والبيت لسانا ومنه قول الشاعر لسان الشر تهديها إلينا
وخنت وما حسبتك أن تخونا
أو أراد باللسان البلاغة فكأنه قال وهذا القرآن ذو بلاغة عربية وبيان واضح فكيف تزعمون أن بشرا يعلمه من العجم وقد عجزتم أنتم عن معارضة سورة منه وأنتم أهل اللسان العربى ورجال الفصاحة وقادة البلاغة وهاتان الجملتان مستأنفتان سيقتا لإبطال طعنهم ودفع كذبهم
النحل :( ١٠٤ ) إن الذين لا.....
ولما ذكر سبحانه جوابهم وبخهم وهددهم فقال ) إن الذين لا يؤمنون بآيات الله ( أى لا يصدقون بها ) لا يهديهم الله ( إلى الحق الذى هو سبيل النجاة هداية موصلة إلى المطلوب لما علم من شقاوتهم ) ولهم في الآخرة عذاب عظيم ( بسبب ما هم عليه من الكفر والتكذيب بآيات الله
النحل :( ١٠٥ ) إنما يفتري الكذب.....
ثم لما وقع منهم نسبة الإفتراء إلى رسول الله ( ﷺ ) رد عليهم بقوله ) إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله ( فكيف يقع الإفتراء من رسول الله ( ﷺ ) وهو رأس المؤمنين بها والداعين إلى الإيمان بها وهؤلاء الكفار هم الذين لا يؤمنون بها فهم المفترون للكذب قال الزجاج المعنى إنما يفترى الكذب الذين إذا رأوا الآيات التى لا يقدر عليها إلا الله كذبوا بها هؤلاء أكذب الكذبة ثم سماهم الكاذبين فقال ) وأولئك ( أى المتصفون بذلك ) هم الكاذبون ( أى إن الكذب نعت لازم لهم وعادة من عادتهم فهم الكاملون فى الكذب إذ لا كذب أعظم من تكذيبهم بآيات الله
الآثار الواردة في تفسير الآيات
وقد أخرج عبد الرزاق والفريابى وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبى حاتم عن ابن عباس أنه سئل عن الحياة الطيبة المذكورة فى الآية فقال الحياة الطيبة الرزق الحلال فى هذه الحياة الدنيا وإذا صار إلى ربه جازاه بأحسن ما كان يعمل وأخرج ابن أبى حاتم عنه قال الكسب الطيب والعمل الصالح وأخرج العسكرى فى الأمثال عن على فى الآية قال القناعة وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبى حاتم والحاكم وصححه والبيهقى فى الشعب من طرق عن ابن عباس قال القنوع قال وكان رسول الله ( ﷺ ) يدعو اللهم قنعنى بما رزقتنى وبارك لى فيه واخلف على كل غائبة لى بخير وأخرج أحمد ومسلم والترمذى وابن ماجة عن ابن عمرو أن رسول الله ( ﷺ ) قال قد أفلح من أسلم ورزق كفافا وقنعة الله بما آتاه وأخرج الترمذى والنسائى من حديث فضالة بن عبيد أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله