"""""" صفحة رقم ٢١٣ """"""
آية النهار مبصرة لا بأحدهما فقط كالأول إذ لا يكون علم عدد السنين والحساب إلا باختلاف الجديدين ومعرفة الأيام والشهور والسنين والفرق بين العدد والحساب أن العدد إحصاء ماله كمية بتكرير أمثاله من حيث يتحصل بطائفة معينة منها حد معين منه له اسم خاص فالسنة مثلا إن وقع النظر إليها من حيث عدد أيامها فذلك هو العدد وإن وقع النظر إليها من حيث تحققها وتحصلها من عدة أشهر قد يحصل كل شهر من عدة أيام قد يحصل كل يوم من عدة ساعات قد تحصلت كل ساعة من عدة دقائق فذلك هو الحساب ) وكل شيء فصلناه تفصيلا ( أى كل ما تفتقرون إليه فى أمر دينكم ودنياكم بيناه تبيينا واضحا لا يلتبس وعند ذلك تنزاح العلل وتزول الأعذار ) ليهلك من هلك عن بينة )
الإسراء :( ١٣ ) وكل إنسان ألزمناه.....
ولهذا قال ) وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ( قال أبو عبيدة الطائر عند العرب الحظ ويقال له البخت فالطائر ما وقع للشخص فى الأزل بما هو نصيبه من العقل والعمل والعمر والرزق والسعادة والشقاوة كأن طائرا يطير إليه من وكر الأزل وظلمات عالم الغيب طيرانا لا نهاية له ولا غاية إلى أن انتهى إلى ذلك الشخص فى وقته المقدر من غير خلاص ولا مناص وقال الأزهري الأصل فى هذا أن الله سبحانه لما خلق آدم علم المطيع من ذريته والعاصي فكتب ما علمه منهم أجمعين وقضى سعادة من علمه مطيعا وشقاوة من علمه عاصيا فطار لكل منهم ما هو صائر إليه عند خلقه وإنشائه وذلك قوله ) وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ( أى ما طار له فى علم الله وفى عنقه عبارة عن اللزوم كلزوم القلادة العنق من بين ما يلبس قال الزجاج ذكر العنق عبارة عن اللزوم كلزوم القلادة العنق ) ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا ( قرأ ابن عباس والحسن ومجاهد وابن محيصن وأبو جعفر ويعقوب ويخرج بالمثناة التحتية المفتوحة وبالراء المضمومة على معنى ويخرج له الطائر وكتابا منصوب على الحال ويجوز أن يكون المعنى يخرج لها الطائر فيصير كتابا وقرأ يحيى بن وثاب يخرج بضم الياء وكسر الراء أى يخرج الله وقرأ شيبة ومحمد بن السميفع وروى أيضا عن أبي جعفر يخرج بضم الياء وفتح الراء على البناء للمفعول أى ويخرج له الطائر كتابا وقرأ الباقون ) ونخرج ( بالنون على أن المخرج هو الله سبحانه وكتابا مفعول به واحتج أبو عمرو لهذه القراءة بقوله تعالى ألزمناه وقرأ أبو جعفر والحسن وابن عامر يلقاه بضم الياء وفتح اللام وتشديد القاف وقرأ الباقون بفتح الياء وسكون اللام وتخفيف القاف وإنما قال سبحانه ) يلقاه منشورا ( تعجيلا للبشرى بالحسنة وللتوبيخ على السيئة
الإسراء :( ١٤ ) اقرأ كتابك كفى.....
) اقرأ كتابك ( أى نقول له اقرأ كتابك أو قائلين له قيل يقرأ ذلك الكتاب من كان قارئا ومن لم يكن قارئا ) كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا ( الباء فى بنفسك زائدة و حسيبا تمييز أى حاسبا قال سيبويه ضريب القداح بمعنى ضاربها وصريم بمعنى صارم ويجوز أن يكون الحسيب بمعنى الكافي ثم وضع موضع الشهيد فعدي بعلي والنفس بمعنى الشخص ويجوز أن يكون الحسيب بمعنى المحاسب كالشريك والجليس
الإسراء :( ١٥ ) من اهتدى فإنما.....
) من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ( بين سبحانه أن ثواب العمل الصالح وعقاب ضده يختصان بفاعلهما لا يتعدان منه إلى غيره فمن اهتدى بفعل ما أمره الله به وترك ما نهاه الله عنه فإنما تعود منفعة ذلك إلى نفسه ) ومن ضل ( عن طريق الحق فلم يفعل ما أمر به ولم يترك ما نهى عنه ) فإنما يضل عليها ( أى فإن وبال ضلاله واقع على نفسه لا يجاوزها فكل أحد محاسب عن نفسه مجزي بطاعته معاقب بمعصيته ثم أكد هذا الكلام بأبلغ تأكيد فقال ) ولا تزر وازرة وزر أخرى ( والوزر الإثم يقال وزر يزر وزرا ووزرة أى إثما والجمع أوزار والوزر الثقل ومنه ) يحملون أوزارهم على ظهورهم ( أى أثقال ذنوبهم ومعنى الآية لا تحمل نفس حامله للوزر وزر نفس أخرى حتى تخلص الأخرى عن وزرها وتؤخذ به الأولى وقد تقدم مثل هذا فى الأنعام قال الزجاج فى تفسير هذه الآية إن الآثم والمذنب لا يؤاخذ بذنب غيره ) وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا (


الصفحة التالية
Icon