"""""" صفحة رقم ٢٢١ """"""
التوبة وعن عدم الإخلاص إلى محض الإخلاص غفورا لما فرط منهم من قول أو فعل أو اعتقاد فمن تاب تاب الله عليه ومن رجع إلى الله رجع الله إليه
الإسراء :( ٢٦ ) وآت ذا القربى.....
ثم ذكر سبحانه التوصية بغير الوالدين من الأقارب بعد التوصية بهما فقال ) وآت ذا القربى حقه ( والخطاب إما لرسول الله ( ﷺ ) تهييجا وإلهابا لغيره من الأمة أو لكل من هو صالح لذلك من المكلفين كما فى قوله ) وقضى ربك ( والمراد بذي القربى ذو القرابة وحقهم هو صلة الرحم التى أمر الله بها وكرر التوصية فيها والخلاف بين أهل العلم فى وجوب النفقة للقرابة أو لبعضهم كالوالدين على الأولاد والأولاد على الوالدين معروف والذى ينبغي الاعتماد عليه وجوب صلتهم بما تبلغ إليه القدرة وحسبما يقتضيه الحال ) والمسكين ( معطوف على ذا القربى وفى هذا العطف دليل على أن المراد بالحق الحق المالي ) وابن السبيل ( معطوف على المسكين والمعنى وآت من اتصف بالمسكنة أو بكونه من أبناء السبيل حقه وقد تقدم بيان حقيقة المسكين وابن السبيل فى البقرة وفى التوبة والمراد فى هذه الآية التصدق عليهما بما بلغت إليه القدرة من صدقة النفل أو مما فرضه الله لهما من صدقة الفرض فإنهما من الأصناف الثمانية التى هى مصرف الزكاة ثم لما أمر سبحانه بما أمر به هاهنا نهى عن التبذير فقال ) ولا تبذر تبذيرا ( التبذير تفريق المال كما يفرق البذر كيفما كان من غير تعمد لمواقعه وهو الإسراف المذموم لمجاوزته للحد المستحسن شرعا فى الإنفاق أو هو الإنفاق فى غير الحق وإن كان يسيرا قال الشافعي التبذير إنفاق المال فى غير حقه لا تبذير فى عمل الخير قال القرطبي بعد حكايته القول الشافعي هذا وهذا قول الجمهور قال أشهب عن مالك التبذير هو أخذ المال من حقه ووضعه فى غير حقه وهو الإسراف وهو حرام لقوله
الإسراء :( ٢٧ ) إن المبذرين كانوا.....
) إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين ( فإن هذه الجملة تعليل للنهي عن التبذير والمراد بالأخوة الممائلة التامة وتجنب مماثلة الشيطان ولو فى خصلة واحدة من خصاله واجب فكيف فيما هو أعم من ذلك كما يدل عليه إطلاق المماثلة والإسراف فى الإنفاق من عمل الشيطان فإذا فعله أحد من بني آدم فقد أطاع الشيطان واقتدى به ) وكان الشيطان لربه كفورا ( أى كثير الكفران عظيم التمرد عن الحق لأنه مع كفره لا يعمل إلا شرا ولا يأمر إلا بعمل الشر ولا يوسوس إلا بما لا خير فيه وفى هذه الآية تسجيل على المبذرين بمماثلة الشياطين ثم التسجيل على جنس الشيطان بأنه كفور فاقتضى ذلك أن المنذر مماثل للشيطان وكل مماثل للشيطان له حكم الشيطان وكل شيطان كفور فالمبذر كفور
الإسراء :( ٢٨ ) وإما تعرضن عنهم.....
) وإما تعرضن عنهم ( قد تقدم قريبا أن أصل إما هذه مركب من إن الشرطية وما الإبهامية وان دخول نون التأكيد على الشرط لمشابهته للنهي أى إن أعرضت عن ذي القربى والمسكين وابن السبيل لأمر اضطرك إلى ذلك الإعراض ) ابتغاء رحمة من ربك ( أى لفقد رزق من ربك ولكنه أقام المسيب الذى هو ابتغاء رحمة الله مقام السبب الذى هو فقد الرزق لأن فاقد الرزق مبتغ له والمعنى وإن أعرضت عنهم لفقد رزق من ربك ترجو أن يفتح الله به عليك ) فقل لهم قولا ميسورا ( أى قولا سهلا لينا كالوعد الجميل أو الاعتذار المقبول قال الكسائي يسرت له القول أى لينته قال الفراء معنى الآية إن تعرض عن السائل إضاقة وإعسارا فقل لهم قولا ميسورا عدهم عدة حسنة ويجوز أن يكون المعنى وإن تعرض عنهم ولم تنفعهم لعدم استطاعتك فقل لهم قولا ميسورا وليس المراد هنا الإعراض بالوجه وفى هذه الآية تأديب من الله سبحانه لعباده إذا سألهم سائل ما ليس عندهم كيف يقولون وبما يردون ولقد أحسن من قال إن لا يكن ورق يوما أجود بها
للسائلين فإني لين العود
لا يعدم السائلون الخير من خلقي
إما نوال وإما حسن مردود