"""""" صفحة رقم ٢٣ """"""
الدين في ورد ولا صدر فما أغنى عباد الله عنها وأحوجهم إلى غيرها من مسائل التكليف
يوسف :( ٣٢ ) قالت فذلكن الذي.....
) قالت فذلكن الذي لمتنني فيه ( الإشارة إلى يوسف والخطاب للنسوة أي عيرتنني فيه قالت لهن هذا لما رأت افتتانهن بيوسف إظهارا لعذر نفسها ومعنى فيه أي في حبه وقيل الإشارة إلى الحب والضمير له أيضا والمعنى فذلك الحب الذى لمتنني فيه هو ذلك الحب والأول أولى ورجحه ابن جرير وأصل اللوم الوصف بالقبيح ثم لما أظهرت عذر نفسها عند النسوة بما شاهدته مما وقعن فيه عند ظهوره لهن ضاق صدرها عن كتم ما تجده في قلبها من حبه فأقرت بذلك وصرحت بما وقع منها من المراودة له فقالت ) ولقد راودته عن نفسه فاستعصم ( أي استعف وامتنع مما أريده طالبا لعصمة نفسه عن ذلك ثم توعدته إن لم يفعل ما تريده كاشفة لجلباب الحياء هاتكة لستر العفاف فقالت ) ولئن لم يفعل ما آمره ليسجنن وليكونن من الصاغرين ( أي لئن لم يفعل ما قد أمرته به فيما تقدم ذكره عند أن غلقت الأبواب وقالت هيت لك ليسجنن أي يعتقل في السجن وليكونن من الصاغرين الأذلاء لما يناله من الإهانة ويسلب عنه من النعمة والعزة في زعمها قرئ ) ليكونن ( بالتثقيل والتخفيف قيل والتخفيف أولى لأن النون كتبت في المصحف ألفا على حكم الوقف وذلك لا يكون إلا في الخفيفة وأما ليسجنن فبالتثقيل لا غير
يوسف :( ٣٣ ) قال رب السجن.....
فلما سمع يوسف مقالها هذا وعرف أنها عزمة منها مع ما قد علمه من نفاذ قولها عند زوجها العزيز قال مناجيا لربه سبحان ) رب السجن ( أي يا رب السجن الذى أوعدتني هذه به ) أحب إلي مما يدعونني إليه ( من مؤاتاتها والوقوع في المعصية العظيمة التى تذهب بخير الدنيا والآخرة قال الزجاج أي دخول السجن فحذف المضاف وحكى أبو حاتم أن عثمان بن عفان رضي الله عنه قرأ ) السجن ( بفتح السين وقرأ كذلك ابن أبي إسحاق وعبد الرحمن الأعرج ويعقوب وهو مصدر سجنه سجنا وإسناد الدعوة إليهن جميعا لأن النسوة رغبنه في مطاوعتها وخوفنه من مخالفتها ثم جرى على هذا في نسبة الكيد إليهن جميعا فقال ) وإلا تصرف عني كيدهن ( أما الكيد من امرأة العزيز فما قد قصه الله سبحانه في هذه السورة وأما كيد سائر النسوة فهو ما تقدم من الترغيب له في المطاوعة والتخويف من المخالفة وقيل إنها كانت كل واحدة تخلو به وحدها وتقول له يا يوسف اقض لي حاجتي فأنا خير لك من امرأة العزيز وقيل إنه خاطب امرأة العزيز بما يصلح لخطاب جماعة النساء تعظيما لها أو عدولا عن التصريح إلى التعريض والكيد الاحتيال وجزم ) أصب إليهن ( على أنه جواب الشرط أي أمل إليهن من صبا يصبو إذا مال واشتاق ومنه قول الشاعر إلى هند صبا قلبي
وهند حبها يصبى
) وأكن من الجاهلين ( معطوف على أصب أي أكن ممن يجهل ما يحرم ارتكابه ويقدم عليه أو ممن يعمل عمل الجهال
يوسف :( ٣٤ ) فاستجاب له ربه.....
قوله ) فاستجاب له ربه ( لما قال وإلا تصرف عني كيدهن كان ذلك منه تعرضا للدعاء وكأنه قال اللهم اصرف عني كيدهن فالاستجابة من الله تعالى له هى بهذا الاعتبار لأنه لم يتقدم دعاء صريح منه عليه السلام والمعنى أنه لطف به وعصمه عن الوقوع في المعصية لأنه إذا صرف عنه كيدهن لم يقع شىء مما رمنه منه ووجه إسناد الكيد قد تقدم وجملة ) إنه هو السميع العليم ( تعليل لما قبلها من صرف كيد النسوة عنه أي إنه هو السميع لدعوات الداعين له العليم بأحوال الملتجئين إليه
الآثار الواردة في تفسير الآيات
وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله ) قد شغفها ( قال غلبها وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عنه ) قد شغفها ( قال قتلها حب يوسف الشغف الحب القاتل والشعف حب دون ذلك والشغاف حجاب القلب وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عنه أيضا ) قد شغفها ( قال قد علقها وأخرج