"""""" صفحة رقم ٢٣١ """"""
التسبيح على حقيقته والعموم على ظاهره والمراد أن كل المخلوقات تسبح لله سبحانه هذا التسبيح الذى معناه التنزيه وإن كان البشر لا يسمعون ذلك ولا يفهمونه ويؤيد هذا قوله سبحانه ) ولكن لا تفقهون تسبيحهم ( فإنه لو كان المراد تسبيح الدلالة لكان أمرا مفهوما لكل أحد وأجيب بأن المراد بقوله لا تفقهون الكفار الذين يعرضون عن الإعتبار وقالت طائفة إن هذا العموم مخصوص بالملائكة والثقلين دون الجمادات وقيل خاص بالأجسام النامية فيدخل النباتات كما روى هذا القول عن عكرمة والحسن وخصا تسبيح النباتات بوقت نموها لا بعد قطعها وقد استدل لذلك بحديث أن النبى ( ﷺ ) مر على قبرين وفيه ثم دعا بعسيب رطب فشقه اثنين وقال إنه يخفف عنهما ما لم ييبسا ويؤيد حمل الآية على العموم قوله ) إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق ( وقوله ) وإن منها لما يهبط من خشية الله ( وقوله ) وتخر الجبال هدا ( ونحو ذلك من الآيات وثبت فى الصحيح أنهم كانوا يسمعون تسبيح الطعام وهم يأكلون مع رسول الله ( ﷺ ) وهكذا حديث حنين الجذع وحديث أن حجرا بمكة كان يسلم على النبى ( ﷺ ) وكلها فى الصحيح ومن ذلك تسبيح الحصى فى كفه ( ﷺ ) ومدافعه عموم هذه الآية بمجرد الاستبعادات ليس دأب من يؤمن بالله سبحانه ويؤمن بما جاء من عنده ومعنى ) إلا يسبح بحمده ( إلا يسبح متلبسا بحمده ) ولكن لا تفقهون تسبيحهم ( قرأ الحسن وأبو عمرو ويعقوب وحفص وحمزة والكسائى وخلف تسبح بالمثناة الفوقية على الخطاب وقرا الباقون بالتحتية واختار هذه القراءة أبو عبيد ) إنه كان حليما غفورا ( فمن حلمه الإمهال لكم وعدم إنزال عقوبته عليكم ومن مغفرته لكم أنه لا يؤاخذ من تاب منكم
الإسراء :( ٤٥ ) وإذا قرأت القرآن.....
ولما فرغ سبحانه من الإلهيات شرع فى ذكر بعض من آيات القرآن وما يقع من سامعيه فقال ) وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا ( جعلنا بينك يا محمد وبين المشركين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا أى إنهم لإعراضهم عن قراءتك وتغافلهم عنك كمن بينك وبينه حجاب يمرون بك ولا يرونك ذكر معناه الزجاج وغيره ومعنى مستورا ساتر قال الأخفش أراد ساترا والفاعل قد يكون فى لفظ المفعول كما تقول إنك لمشئوم وميمون وإنما هو شائم ويامن وقيل معنى مستورا ذا ستر كقولهم سيل مفعم أى ذو إفعام وقيل هو حجاب لا تراه الأعين فهو مستور عنها قيل حجاب من دونه حجاب فهو مستور بغيره وقيل المراد بالحجاب المستور الطبع والختم
الإسراء :( ٤٦ ) وجعلنا على قلوبهم.....
) وجعلنا على قلوبهم أكنة ( الأكنة جمع كنان وقد تقدم تفسيره فى الأنعام وقيل هو حكاية لما كانوا يقولونه من قولهم ) قلوبنا غلف ( ) وفي آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب ( و ) أن يفقهوه ( مفعول لأجله أى كراهة أن يفقهوه أو لئلا يفقهوه أى يفهموا ما فيه من الأوامر والنواهي والحكم المعاني ) وفي آذانهم وقرا ( أى صمما وثقلا وفى الكلام حذف والتقدير إن يسمعوه ومن قبائح المشركين أنهم كانوا يحبون أن يذكر آلهتهم كما يذكر الله سبحانه فإذا سمعوا ذكر الله دون ذكر آلهتهم نفروا عن المجلس ولهذا قال الله ) وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ( أى واحدا غير مشفوع بذكر آلهتهم فهو مصدر وقع موقع الحال ) ولوا على أدبارهم نفورا ( هو مصدر والتقدير هربوا نفورا أو نفورا نفورا وقيل جمع نافر كقاعد وقعود والأول أولى ويكون المصدر فى موضع الحال أى ولوا نافرين
الإسراء :( ٤٧ ) نحن أعلم بما.....
) نحن أعلم بما يستمعون به ( أى يستمعون إليك متلبسين به من الإستخفاف بك وبالقرآن واللغو فى ذكرك لربك وحده وقيل الباء زائدة والظرف فى ) إذ يستمعون إليك ( متعلق بأعلم أى نحن أعلم وقت يستمعون إليك بما يستمعون به وفيه تأكيد للوعيد وقوله ) وإذ هم نجوى ( متعلق بأعلم أيضا أى ونحن أعلم بما يتناجون به فيما بينهم وقت تناجيهم وقد كانوا يتناجون بينهم بالتكذيب والإستهزاء


الصفحة التالية
Icon