"""""" صفحة رقم ٢٤٤ """"""
فيه حصباء فالحاصب ذو الحصباء كاللابن والتامر وقيل الحاصب حجارة من السماء تحصبهم كما فعل بقوم لوط ويقال للسحابة التى ترمي بالبرد حاصب ومنه قول الفرزدق مستقبلين جبال الشام تضربنا
بحاصب كنديف القطن منثور
) ثم لا تجدوا لكم وكيلا ( أى حافظا ونصيرا يمنعكم من بأس الله
الإسراء :( ٦٩ ) أم أمنتم أن.....
) أم أمنتم أن يعيدكم فيه تارة أخرى ( أى فى البحر مرة أخرى بأن يقوى دواعيكم ويوفر حوائجكم إلى ركوبه وجاء بفي ولم يقل إلى البحر للدلالة على استقرارهم فيه ) فيرسل عليكم قاصفا من الريح ( القاصف الريح الشديدة التي تكسر بشدة من قصف الشيء يقصفه أي كسره بشدة والقصف الكسر أو هو الريح التى لها قصيف أى صوت شديد من قولهم رعد قاصف أى شديد الصوت ) فيغرقكم ( قرأ أبو جعفر وشيبة ورويس ومجاهد فتغرقكم بالتاء الفوقية على أن فاعله الريح وقرأ الحسن وقتادة وابن وردان ) فيغرقكم ( بالتحتية والتشديد فى الراء وقرأ أبو جعفر أيضا ) الرياح ( وقرأ ابن كثير وأبو عمرو بالنون فى جميع هذه الأفعال وقرأ الباقون بالياء التحتية فى جميعها أيضا والباء فى ) بما كفرتم ( للسببية أى بسبب كفركم ) ثم لا تجدوا لكم علينا به تبيعا ( أى ثائرا يطالبنا بما فعلنا قال الزجاج لا تجدوا من يتبعنا بإنكار ما نزل بكم قال النحاس وهو من الثأر وكذا يقال لكل من طلب بثأر أو غيره تبيع وتابع
الإسراء :( ٧٠ ) ولقد كرمنا بني.....
) ولقد كرمنا بني آدم ( هذا إجمال لذكر النعمة التى أنعم الله بها على بني آدم أى كرمناهم جميعا وهذه الكرامة يدخل تحتها خلقهم على هذه الهيئة الحسنة وتخصيصهم بما خصهم به من المطاعم والمشارب والملابس على وجه لا يوجد لسائر أنواع الحيوان مثله وحكى ابن جرير عن جماعة أن هذا التكريم هو أنهم يأكلون بأيديهم وسائر الحيوانات تأكل بالفم وكذا حكاه النحاس وقيل ميزهم بالنطق والعقل والتمييز وقيل أكرم الرجال باللحى والنساء بالذوائب وقال ابن جرير أكرمهم بتسليطهم على سائر الخلق وتسخير سائر الخلق لهم وقيل بالكلام والخط والفهم ولا مانع من حمل التكريم المذكور فى الآية على جميع هذه الأشياء وأعظم خصال التكريم العقل فإن به تسلطوا على سائر الحيوانات وميزوا بين الحسن والقبيح وتوسعوا فى المطاعم والمشارب وكسبوا الأموال التى تسببوا بها إلى تحصيل أمور لا يقدر عليها الحيوان وبه قدروا على تحصيل الأبنية التى تمنعهم مما يخافون وعلى تحصيل الأكسية التى تقيهم الحر والبرد وقيل تكريمهم هو أن جعل محمدا ( ﷺ ) منهم ) وحملناهم في البر والبحر ( هذا تخصيص لبعض أنواع التكريم حملهم سبحانه فى البر على الدواب وفى البحر على السفن وقيل حملناهم فيهما حيث لم نخسف بهم ولم نغرقهم ) ورزقناهم من الطيبات ( أى لذيذ المطاعم والمشارب وسائر ما يستلذونه وينتفعون به ) وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا ( أجمل سبحانه هذا الكثير ولم يبين أنواعه فأفاد ذلك أن بني آدم فضلهم سبحانه على كثير من مخلوقاته وقد جعل بعض أهل العلم الكثير هنا بمعنى الجميع وهو تعسف لا حاجة إليه
وقد شغل كثير من أهل العلم بما لم تكن إليه حاجة ولا تتعلق به فائدة وهو مسئلة تفضيل الملائكة على الأنبياء أو الأنبياء على الملائكة ومن جملة ما تمسك به مفضلوا الأنبياء على الملائكة هذه الآية ولا دلالة لها على المطلوب لما عرفت من إجمال الكثير وعدم تبيينه والتعصب فى هذه المسئلة هو الذى حمل بعض الأشاعرة على تفسير الكثير هنا بالجميع حتى يتم له التفضيل على الملائكة وتمسك بعض المعتزلة بهذه الآية على تفضيل الملائكة على الأنبياء ولا دلالة بها على ذلك فإن لم يقم دليل على أن الملائكة من القليل الخارج عن هذا الكثير ولو سلمنا ذلك فليس فيما خرج عن هذا الكثير ما يفيد أنه أفضل من بني آدم بل غاية ما فيه أنه لم يكن الإنسان مفضلا عليه