"""""" صفحة رقم ٢٦٦ """"""
والأول أولى ) وابتغ بين ذلك ( أى الجهر والمخافتة المدلول عليها بالفعلين ) سبيلا ( أى طريقا متوسطا بين الأمرين فلا تكن مجهورة ولا مخافتا بها وعلى التفسير الثاني يكون معنى ذلك النهي عن الجهر بقراءة الصلوات كلها والنهي عن المخافتة بقراءة الصلوات كلها والأمر بجعل البعض منها مجهورا به وهو صلاة الليل والمخافتة بصلاة النهار وذهب قوم إلى أن هذه الآية منسوخة بقوله ) ادعوا ربكم تضرعا وخفية )
الإسراء :( ١١١ ) وقل الحمد لله.....
ولما أمر أن لا يذكر ولا ينادى إلا بأسمائه الحسنى نبه على كيفية الحمد له فقال ) وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ( كما تقوله اليهود والنصارى ومن قال من المشركين إن الملائكة بنات الله تعالى عن ذلك علوا كبيرا ) ولم يكن له شريك في الملك ( أى مشارك له فى ملكه وربوبيته كما تزعمه الثنوية ونحوهم من الفرق القائلين بتعدد الآلهة ) ولم يكن له ولي من الذل ( أى لم يحتج إلى موالاة أحد لذل يلحقه فهو مستغن عن الولي والنصير قال الزجاج أى لم يحتج أن ينتصر بغيره وفى التعرض فى أثناء الحمد لهذه الصفات الجليلة إيذان بأن المستحق للحمد من له هذه الصفات لأنه القادر على الإيجاد وإفاضة النعم لكون الولد مجبنة ومبخلة ولأنه أيضا يستلزم حدوث الأب لأنه متولد من جزء من أجزائه والمحدث غير قادر على كمال الإنعام والشركة فى الملك إنما تتصور لمن لا يقدر على الاستقلال به ومن لا يقدر على الاستقلال عاجز فضلا عن تمام ما هو له فضلا عن نظام ما هو عليه وأيضا الشركة موجبة للتنازع بين الشريكين فقد يمنعه الشريك من إفاضة الخير إلى أوليائه ومؤديه إلى الفساد ) لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا ( والمحتاج إلى ولي يمنعه من الذل وينصره على من أراد إذلاله ضعيف لا يقدر على ما يقدر عليه من هو مستغنى بنفسه ) وكبره تكبيرا ( أى عظمه تعظيما وصفه بأنه أعظم من كل شيء
الآثار الواردة في تفسير الآيات وسبب النزول
وقد أخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس قال ( ﷺ ) بمكة ذات يوم فقال فى دعائه يا ألله يا رحمن فقال المشركون انظروا إلى هذا الصابئ ينهانا ان ندعوا إلهين وهو يدعو إلهين فأنزل الله ) قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن ( الآية وأخرج ابن أبي حاتم عن إبراهيم النخعي قال إن اليهود سألوا رسول الله ( ﷺ ) عن الرحمن وكان لهم كاهن باليمامة يسمونه الرحمن فنزلت الآية وهو مرسل وأخرج ابن جرير عن مكحول أن النبي ( ﷺ ) كان يتهجد بمكة ذات ليلة يقول فى سجوده يا رحمن يا رحيم فسمعه رجل من المشركين فلما أصبح قال لأصحابه إن ابن أبي كبشة يدعو الليلة الرحمن الذى باليمن وكان رجل باليمن يقال له الرحمن فنزلت وأخرج البيهقي فى الدلائل من طريق نهشل بن سعيد عن الضحاك عن ابن عباس قال سئل رسول الله ( ﷺ ) عن قول الله ) قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا ( إلى آخر الآية فقال رسول الله ( ﷺ ) هو أمان من السرق وإن رجلا من المهاجرين من أصحاب رسول الله ( ﷺ ) تلاها حيث أخذ مضجعه فدخل عليه سارق فجمع ما فى البيت وحمله والرجل ليس بنائم حتى انتهى إلى الباب فوجد الباب مردودا فوضع الكارة ففعل ذلك ثلاث مرات فضحك صاحب الدار ثم قال إني حصنت بيتي وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن ابن عباس فى قوله ) ولا تجهر بصلاتك ( الآية قال نزلت ورسول الله ( ﷺ ) متوار فكان إذا صلى بأصحابه رفع صوته بالقرآن فإذا سمع ذلك المشركون سبوا القرآن ومن أنزله ومن جاء به فقال الله لنبيه ) ولا تجهر بصلاتك ( أى بقراءتك فيسمع المشركون فيسبوا القرآن ) ولا تخافت بها ( عن أصحابك فلا تسمعهم القرآن حتى يأخذوه عنك ) وابتغ بين ذلك سبيلا ( يقول بين الجهر والمخافتة وأخرج ابن مردويه عنه قال كان نبي الله ( ﷺ ) يجهر بالقراءة بمكة فيؤذى فأنزل الله ) ولا تجهر بصلاتك ( وأخرج


الصفحة التالية
Icon