"""""" صفحة رقم ٢٦٩ """"""
سورة الكهف الآية ( ٥ ٨ )
الكهف :( ١ ) الحمد لله الذي.....
علم عباده كيف يحمدونه على إفاضة نعمه عليهم ووصفه بالموصول يشعر بعلية ما فى حيز الصلة لما قبله ووجه كون إنزال الكتاب وهو القرآن نعمة على رسول الله ( ﷺ ) كونه اطلع بواسطته على أسرار التوحيد وأحوال الملائكة والأنبياء وعلى كيفية الأحكام الشرعية التى تعبده الله وتعبد أمته بها وكذلك العباد كان إنزال الكتاب على نبيهم نعمة لهم لمثل ما ذكرناه فى النبي ) ولم يجعل له عوجا ( أى شيئا من العوج بنوع من أنواع الاختلال فى اللفظ والمعنى والعوج بالكسر فى المعاني وبالفتح فى الأعيان كذا قيل ويرد عليه قوله سبحانه ) لا ترى فيها عوجا ولا أمتا ( يعني الجبال وهى من الأعيان قال الزجاج المعنى فى الآية لم يجعل فيها اختلافا كما قال ) ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا ( والقيم المستقيم الذى لا ميل فيه أو القيم بمصالح العباد الدينية والدنيوية أو القيم على ما قبله من الكتب السماوية مهيمنا عليها وعلى الأول يكون تأكيدا لما دل عليه نفى العوج فرب مستقيم فى الظاهر لا يخلو عن أدنى عوج فى الحقيقة وانتصاب قيما بمضمر أى جعله قيما ومنع صاحب الكشاف أن يكون حالا من الكتاب لأن قوله ولم يجعل معطوف على أنزل فهو داخل فى حيز الصلة فجاعله حالا من الكتاب فاصل بين الحال وذي الحال ببعض الصلة وقال الأصفهاني هما حالان متواليان إلا أن الأول جملة والثاني مفرد وهذا صواب لأن قوله ) ولم يجعل ( لم يكن معطوفا على ما قبله بل الواو للحال فلا فصل بين الحال وذي الحال ببعض الصلة وقيل إن قيما حال من ضمير لم يجعل له وقيل فى الكلام تقديم وتأخير والتقدير أنزل على عبده الكتاب قيما ولم يجعل له عوجا
الكهف :( ٢ ) قيما لينذر بأسا.....
ثم أراد سبحانه أن يفصل ما أجمله فى قوله قيما فقال ) لينذر بأسا شديدا ( وحذف المنذر للعلم به مع قصد التعميم والمعنى لينذر الكافرين والبأس العذاب ومعنى ) من لدنه ( صادرا من لدنه نازلا من عنده روى أبو بكر عن عاصم أنه قرأ من لدنه باشمام الدال الضمة وبكسر النون والهاء وهى لغة الكلابيين وروى أبو زيد عن جميع القراء فتح اللام وضم الدال وسكون النون ) ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات ( قرئ يبشر بالتشديد والتخفيف وأجرى الموصول على موصوفه المذكور لأن مدار قبول الأعمال هو الإيمان ) أن لهم أجرا حسنا ( وهو الجنة حال كونهم
الكهف :( ٣ ) ماكثين فيه أبدا
) ماكثين فيه ( أى فى ذلك الأجر ) أبدا ( أى مكثا دائما لا انقطاع له وتقديم الإنذار على التبشير لإظهار كمال العناية بزجر الكفار
الكهف :( ٤ ) وينذر الذين قالوا.....
ثم كرر الإنذار وذكر المنذر لخصوصه وحذف المنذر به وهوالبأس الشديد لتقدم ذكره فقال ) وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولدا ( وهم اليهود والنصارى وبعض كفار قريش القائلون بأن الملائكة بنات الله فذكر سبحانه أولا قضية كلية وهى إنذار عموم الكفار ثم عطف عليها قضية خاصة هى بعض جزئيات تلك الكلية تنبيها على كونها أعظم جزئيات تلك الكلية فأفاد ذلك أن نسبة الولد إلى الله سبحانه أقبح أنواع الكفر
الكهف :( ٥ ) ما لهم به.....
) ما لهم به من علم ( أى بالولد أو اتخاذ الله إياه ومن مزيد لتأكيد النفي والجملة فى محل نصب على الحال أو هى مستأنفة والمعنى مالهم بذلك علم أصلا ) ولا لآبائهم ( علم بل كانوا فى زعمهم هذا على ضلالة وقلدهم أبناؤهم فضلوا جميعا ) كبرت كلمة تخرج من أفواههم ( انتصاب كلمة على التمييز وقرئ بالرفع على الفاعلية قال الفراء كبرت تلك الكلمة كلمة وقال الزجاج كبرت مقالتهم كلمة والمراد بهذه الكلمة هى قولهم اتخذ الله


الصفحة التالية
Icon