"""""" صفحة رقم ٢٧٢ """"""
اذكر أى صاروا إليه وجعلوه مأواهم والفتية هم أصحاب الكهف والكهف هو الغار الواسع فى الجبل فإن كان صغيرا سمي غارا والرقيم قال كعب والسدى إنه إسم القرية التى خرج منها أصحاب الكهف وقال سعيد بن جبير ومجاهد إنه لوح من حجارة أو رصاص رقمت فيه أسماؤهم جعل على باب الكهف قال الفراء ويروي أنه إنما سمي رقيما لأن أسماءهم كانت مرقومة فيه والرقم الكتابة وروى مثل ذلك عن ابن عباس ومنه قول العجاج فى أرجوزة له ومستقري المصحف الرقيم
وقيل إن الرقيم اسم كلبهم وقيل هو اسم الوادى الذى كانوا فيه وقيل اسم الجبل الذى فيه الغار قال الزجاج أعلم الله سبحانه أن قصة أصحاب الكهف ليست بعجيبة من آيات الله لأن خلق السموات والأرض وما بينهما أعجب من قصة اصحاب الكهف ) فقالوا ربنا آتنا من لدنك رحمة ( أى من عندك ومن ابتدائية متعلقة بآتنا أو لمحذوف وقع حالا والتنوين فى رحمة إما للتعظيم أو للتنويع وتقديم من لدنك للإختصاص أى رحمة مختصة بأنها من خزائن رحمتك وهى المغفرة فى الآخرة والأمن من الأعداء والرزق فى الدنيا ) وهيئ لنا من أمرنا رشدا ( أى أصلح لنا من قولك هيأت الأمر فتهيأ والمراد بأمرهم الأمر الذى هو عليه وهو مفارقتهم للكفار والرشد نقيض الضلال ومن للإبتداء ويجوز أن تكون للتجريد كما فى قولك رأيت منك رشدا وتقديم المجرورين للإهتمام بهما
الكهف :( ١١ ) فضربنا على آذانهم.....
) فضربنا على آذانهم ( قال المفسرون أنمناهم والمعنى سددنا آذانهم بالنوم الغالب عن سماع الأصوات والمفعول محذوف أى ضربنا على آذانهم الحجاب تشبيها للإنامة الثقيلة المانعة من وصول الأصوات إلى الآذان بضرب الحجاب عليها و ) في الكهف ( ظرف لضربنا وانتصاب ) سنين ( على الظرفية و ) عددا ( صفة لسنين أى ذوات عدد على أنه مصدر أو بمعنى معدودة على أنه لمعنى المفعول ويستفاد من وصف السنين بالعدد الكثرة قال الزجاج إن الشئ إذا قل فهم مقدار عدده فلم يحتج إلى العدد وإن كثر احتاج إلى أن يعد وقيل يستفاد منه التقليل لأن الكثير قليل عند الله ) وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون )
الكهف :( ١٢ ) ثم بعثناهم لنعلم.....
) ثم بعثناهم ( أى أيقظناهم من تلك النومة ) لنعلم ( أى ليظهر معلومنا وقرئ بالتحتية مبنيا للفاعل على طريقة الإلتفات و ) أي الحزبين ( مبتدأ معلق عنه العلم لما فى أى من الإستفهام وخبره ) أحصى ( وهو فعل ماض قيل والمراد بالعلم الذى جعل علة للبعث هو الإختبار مجازا فيكون المعنى بعثناهم لنعاملهم معاملة من يختبرهم والأولى ما ذكرناه من أن المراد به ظهور معلوم الله سبحانه لعباده والمراد بالحزبين الفريقان من المؤمنين والكافرين من أصحاب الكهف المختلفين فى مدة لبثهم ومعنى أحصى أضبط وكأنه وقع بينهم تنازع فى مدة لبثهم فى الكهف فبعثهم الله ليتبين لهم ذلك ويظهر من ضبط الحساب ممن لم يضبطه وما فى ) لما لبثوا ( مصدرية أى أحصى للبثهم وقيل اللام زائدة وما بمعنى الذى و ) أمدا ( تمييز والأمد الغاية وقيل إن أحصى أفعل تفضيل ورد بأنه خلاف ما تقرر فى علم الإعراب وما ورد من الشاذ لا يقاس عليه كقولهم أفلس من ابن المذلق وأعدى من الجرب وأجيب بأن أفعل التفضيل من المزيد قياس مطرد عند سيبويه وابن عصفور وقيل إن الحزبين هم أصحاب الكهف اختلفوا بعد انتباههم كم لبثوا وقيل إن أصحاب الكهف حزب وأصحابهم حزب وقال الفراء إن طائفتين من المسلمين فى زمان أصحاب الكهف اختلفوا فى مدة لبثهم
الكهف :( ١٣ ) نحن نقص عليك.....
) نحن نقص عليك نبأهم بالحق ( هذا شروع فى تفصيل ما أجمل فى قوله ) إذ أوى الفتية ( أى نحن نخبرك بخبرهم بالحق أى قصصناه بالحق أو متلبسا بالحق ) إنهم فتية ( أى أحداث شبان و ) آمنوا بربهم ( صفة لفتية والجملة مستأنفة بتقدير سؤال والفتية جمع قلة و ) وزدناهم هدى ( بالتثبيت والتوفيق وفيه التفات من الغيبة إلى الخطاب
الكهف :( ١٤ ) وربطنا على قلوبهم.....
) وربطنا على قلوبهم (