"""""" صفحة رقم ٢٩٣ """"""
وخالف أمر الله فقال ) أفتتخذونه وذريته أولياء ( كأنه قال أعقيب ما وجد منه من الإباء والفسق تتخذونه وتتخذون ذريته أى أولاده وقيل أتباعه مجازا أولياء ) من دوني ( فتطيعونهم بدل طاعتي وتستبدلونهم بي والحال أنهم أى إبليس وذريته ) لكم عدو ( أى أعداء وأفرده لكونه اسم جنس أو لتشبيهه بالمصادر كما فى قوله ) فإنهم عدو لي ( وقوله ) هم العدو ( أى كيف تصنعون هذا الصنع وتستبدلون بمن خلقكم وأنعم عليكم بجميع ما أنتم فيه من النعم بمن لم يكن لكم منه منفعة قط بل هو عدو لكم يترقب حصول ما يضركم فى كل وقت ) بئس للظالمين بدلا ( أى الواضعين للشئ فى غير موضعه المستبدلين بطاعة ربهم طاعة الشيطان فبئس ذلك البدل الذى استبدلوه بدلا عن الله سبحانه
الكهف :( ٥١ ) ما أشهدتهم خلق.....
) ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ( قال أكثر المفسرون إن الضمير للشركاء والمعنى أنهم لو كانوا شركاء لي فى خلق السموات والأرض وفى خلق أنفسهم لكانوا مشاهدين خلق ذلك مشاركين لي فيه ولم يشاهدوا ذلك ولا أشهدتهم إياه أنا فليسوا لي بشركاء وهذا استدلال بانتفاء الملزوم المساوى على انتفاء اللازم وقيل الضمير للمشركين الذين التمسوا طرد فقراء المؤمنين والمراد أنهم ما كانوا شركاء لي فى تدبير العالم بدليل أني ما أشهدتهم خلق السموات والأرض ) ولا خلق أنفسهم ( وما اعتضدت بهم بل هم كسائر الخلق وقيل المعنى أن هؤلاء الظالمين جاهلون بما جرى به القلم فى الأزل لأنهم لم يكونوا مشاهدين خلق العالم فكيف يمكنهم أن يحكموا بحسن حالهم عند الله والأول من هذه الوجوه أولى لما يلزم فى الوجهين الآخرين من تفكيك الضميرين وهذه الجملة مستأنفة لبيان عدم استحقاقهم للاتخاذ المذكور وقرأ أبو جعفر ؟ ما أشهدناهم ؟ وقرأ الباقون ) ما أشهدتهم ( ويؤيده ) وما كنت متخذ المضلين عضدا ( والعضد يستعمل كثيرا فى معنى العون وذلك أن العضد قوام اليد ومنه قوله ) سنشد عضدك بأخيك ( أى سنعينك ونقويك به ويقال أعضدت بفلان إذا استعنت به وذكر العضد على جهة المثل وخص المضلين بالذكر لزيادة الذم والتوبيخ والمعنى ما استعنت على خلق السموات والأرض بهم ولا شاورتهم وما كنت متخذ الشياطين أو الكافرين أعوانا ووحد العضد لموافقة الفواصل وقرأ أبو جعفر الجحدرى ) وما كنت ( بفتح التاء على أن الخطاب للنبى ( ﷺ ) أى وما كنت يا محمد متخذا لهم عضدا ولا صح لك ذلك وقرأ الباقون بضم التاء وفى عضد لغات ثمان أفصحها فتح العين وضم الضاد وبها قرأ الجمهور وقرأ الحسن ؟ عضد ؟ بضم العين والضاد وقرأ عكرمة بضم العين وإسكان الضاد وقرأ الضحاك بكسر العين وفتح الضاد وقرأ عيسى ابن عمر بفتحهما ولغة تميم فتح العين وسكون الضاد
الكهف :( ٥٢ ) ويوم يقول نادوا.....
ثم عاد سبحانه إلى ترهيبهم بأحوال القيامة فقال ) ويوم يقول نادوا شركائي الذين زعمتم ( قرأ حمزة ويحيى بن وثاب وعيسى بن عمر نقول بالنون وقرأ الباقون بالياء التحتية أى اذكر يوم يقول الله عز وجل للكفار توبيخا لهم وتقريعا نادوا شركائى الذين زعمتم أنهم ينفعونكم ويشفعون لكم وأضافهم سبحانه إلى نفسه جريا على ما يعتقده المشركون تعالى الله عن ذلك ) فدعوهم ( أى فعلوا ما أمرهم الله به من دعاء الشركاء ) فلم يستجيبوا لهم ( إذ ذاك أى لم يقع منهم مجرد الاستجابة لهم فضلا عن أن ينفعوهم أو يدفعوا عنهم ) وجعلنا بينهم موبقا ( أى جعلنا بين هؤلاء المشركين وبين من جعلوهم شركاء لله موبقا ذكر جماعة من المفسرين أنه اسم واد عميق فرق الله به تعالى بينهم وعلى هذا فهو اسم مكان قال ابن الأعرابي كل حاجز بين شيئين فهو موبق وقال الفراء الموبق المهلك والمعنى جعلنا تواصلهم فى الدنيا مهلكا لهم فى الآخرة يقال وبق يوبق فهو وبق هكذا ذكره الفراء فى المصادر وحكى الكسائي وبق يبق وبوقا فهو وابق والمراد بالمهلك على هذا هو عذاب النار يشتركون فيه والأول أولى لأن من جملة من زعموا أنهم


الصفحة التالية
Icon