"""""" صفحة رقم ٣٠٤ """"""
الآية على أن الفقير أسوأ حالا من المسكين ) فأردت أن أعيبها ( أى أجعلها ذات عيب بنزع ما نزعته منها ) وكان وراءهم ملك ( قال المفسرون يعنى أمامهم ووراء يكون بمعنى أمام وقد مر الكلام على هذا فى قوله ) ومن ورائه عذاب غليظ ( وقيل أراد خلفهم وكان طريقهم فى الرجوع عليه وما كان عندهم خبر بأنه ) يأخذ كل سفينة غصبا ( أى كل سفينة صالحة لا معيبة وقد قرئ بزيادة صالحة روى ذلك عن أبى وابن عباس وقرا جماعة بتشديد السين من مساكين واختلف فى معناها فقيل هم ملاحو السفينة وذلك أن المساك هو الذى يمسك السفينة والأظهر قراءة الجمهور بالتخفيف
الكهف :( ٨٠ ) وأما الغلام فكان.....
) وأما الغلام ( يعنى الذى قتله ) فكان أبواه مؤمنين ( أى ولم يكن هو كذلك ) فخشينا أن يرهقهما ( أى يرهق الغلام أبويه يقال رهقه أى غشيه وأرهقه أغشاه قال المفسرون معناه خشينا أن يحملهما حبه على أن يتبعاه فى دينه وهو الكفر و ) طغيانا ( مفعول يرهقهما ) وكفرا ( معطوف عليه وقيل المعنى فخشينا أن يرهق الوالدين طغيانا عليهما وكفرا لنعمتهما بعقوقه قيل ويجوز أن يكون فخشينا من كلام الله ويكون المعنى كرهنا كراهة من خشى سوء عاقبة أمره فغيره وهذا ضعيف جدا فالكلام كلام الخضر وقد استشكل بعض أهل العلم قتل الخضر لهذا الغلام بهذه العلة فقيل إنه كان بالغا وقد استحق ذلك بكفره وقيل كان يقطع الطريق فاستحق القتل لذلك ويكون معنى فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا أن الخضر خاف على الأبوين أن يذبا عنه ويتعصبا له فيقعا فى المعصية وقد يؤدى ذلك إلى الكفر والارتداد والحاصل أنه لا إشكال فى قتل الخضر له إذا كان بالغا كافرا أو قاطعا للطريق هذا فيما تقتضيه الشريعة الإسلامية ويمكن أن يكون للخضر شريعة من عند الله سبحانه تسوغ له ذلك وأما إذا كان الغلام صبيا غير بالغ فقيل إن الخضر علم بإعلام الله له أنه لو صار بالغا لكان كافرا يتسبب عن كفره إضلال أبويه وكفرهما وهذا وإن كان ظاهر الشريعة الإسلامية يأباه فإن قتل من لا ذنب له ولا قد جرى عليه قلم التكليف لخشية أن يقع منه بعد بلوغه ما يجوز به قتله لا يحل فى الشريعة المحمدية ولكنه حل فى شريعة أخرى فلا إشكال وقد ذهب الجمهور إلى أن الخضر كان نبيا
الكهف :( ٨١ ) فأردنا أن يبدلهما.....
) فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه ( قرأ الجمهور بفتح الباء الموحدة وتشديد الدال وقرأ عاصم وابن عامر وأبو جعفر ويعقوب بسكون الباء وتخفيف الدال والمعنى أردنا أن يرزقهما الله بدل هذا الولد ولدا خيرا منه ) زكاة ( أى دينا وصلاحا وطهارة من الذنوب ) وأقرب رحما ( قرأ ابن عباس وحمزة والكسائي وابن كثير وابن عامر رحما بضم الحاء وقرأ الباقون بسكونها ومعنى الرحم الرحمة يقال رحمه الله رحمة ورحمى والألف للتأنيث
الكهف :( ٨٢ ) وأما الجدار فكان.....
) وأما الجدار ( يعنى الذى أصلحه ) فكان لغلامين يتيمين في المدينة ( هى القرية المذكورة سابقا وفيه جواز إطلاق اسم المدينة على القرية لغة ) وكان تحته كنز لهما ( قيل كان مالا جسيما كما يفيده اسم الكنز إذ هو المال المجموع قال الزجاج المعروف فى اللغة ان الكنز إذا أفرد فمعناه المال المدفون فإذا لم يكن مالا قيل كنز علم وكنز فهم وقيل لوح من ذهب وقيل صحف مكتوبة ) وكان أبوهما صالحا ( فكان صلاحه مقتضيا لرعاية ولديه وحفظ مالهما قيل هو الذى دفنه وقيل هو الأب السابع من عند الدافن له وقيل العاشر ) فأراد ربك ( أى مالكك ومدبر أمرك وأضاف الرب إلى ضمير موسى تشريفا له ) أن يبلغا أشدهما ( أى كمالهما وتمام نموهما ) ويستخرجا كنزهما ( من ذلك الموضع الذى عليه الجدار ولو انقض لخرج الكنز من تحته ) رحمة من ربك ( لهما وهو مصدر فى موضع الحال أى مرحومين من الله سبحانه ) وما فعلته عن أمري ( أى عن اجتهادى ورأيى وهو تأكيد لما قبله فقد علم بقوله فأراد ربك أنه لم يفعله الخضر عن أمر نفسه ) ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا ( أى ذلك المذكور من تلك البيانات التى بينتها لك


الصفحة التالية
Icon