"""""" صفحة رقم ٣٤٤ """"""
أرى جثوتين من تراب عليهما
صفائح صم من صفيح منضد
مريم :( ٦٩ ) ثم لننزعن من.....
) ثم لننزعن من كل شيعة ( الشيعة الفرقة التى تبعت دينا من الأديان وخصص ذلك الزمخشري فقال هى الطائفة التى شاعت أى تبعت غاويا من الغواة قال الله تعالى ) إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا ( ومعنى ) أيهم أشد على الرحمن عتيا ( من كان أعصى لله وأعتى فإنه ينزع من كل طائفة من طوائف الغي والفساد أعصاهم وأعتاهم فإذا اجتمعوا طرحهم فى جهنم والعتي ها هنا مصدر كالعتو وهو التمرد فى العصيان وقيل المعنى لننزعن من أهل كل دين قادتهم ورؤساهم فى الشر وقد اتفق القراء على قراءة أيهم بالضم إلا هارون الغازي فإنه قرأها بالفتح وقال الزجاج فى رفع أيهم ثلاثة أقوال الأول قول الخليل بن أحمد إنه مرفوع على الحكاية والمعنى ثم لننزعن من كل شيعة الذين يقال لهم أيهم أشد وأنشد الخليل فى ذلك قول الشاعر
وقد أبيت من الفتاة بمنزل
فأبيت لا حرج ولا محروم
أى فأبيت بمنزلة الذى يقال له هو لا حرج ولا محروم قال النحاس ورأيت أبا إسحاق يعنى الزجاج يختار هذا القول ويستحسنه القول الثاني قول يونس وهو أن لننزعن بمنزلة الأفعال التى تلغى وتعلق فهذا الفعل عنده معلق عن العمل فى أى وخصص الخليل وسيبويه وغيرهما التعليق بأفعال الشك ونحوها مما لم يتحقق وقوعه القول الثالث قول سيبويه إن أيهم ها هنا مبنى على الضم لأنه خالف أخواته فى الحذف وقد غلط سيبويه فى قوله هذا جمهور النحويين حتى قال الزجاج ما تبين لى أن سيبويه غلط فى كتابه إلا فى موضعين هذا أحدهما وللنحويين فى إعراب أيهم هذه فى هذا الموضع كلام طويل
مريم :( ٧٠ ) ثم لنحن أعلم.....
) ثم لنحن أعلم بالذين هم أولى بها صليا ( يقال صلى يصلي صليا مثل مضى الشئ يمضي مضيا قال الجوهرى يقال صليت الرجل نارا إذا أدخلته النار وجعلته يصلاها فإن ألقيته إلقاء كأنك تريد الإحراق قلت أصليته بالألف وصليته تصلية ومنه ) ويصلى سعيرا ( ومن خفف فهو من قولهم صلى فلان النار بالكسر يصلى صليا احترق قال الله تعال ) بالذين هم أولى بها صليا ( قال العجاج والله لولا النار أن تصلاها
ومعنى الآية أن هؤلاء الذين هم أشد على الرحمن عتيا هم أولى بصليها أو صليهم أولى بالنار
مريم :( ٧١ ) وإن منكم إلا.....
) وإن منكم إلا واردها ( الخطاب للناس من غير التفات أو للإنسان المذكور فيكون التفاتا أى ما منكم من أحد إلا واردها أى واصلها
وقد اختلف الناس فى هذا الورود فقيل الورود الدخول ويكون على المؤمنين بردا وسلاما كما كانت على إبراهيم وقالت فرقة الورود هو المرور على الصراط وقيل ليس الورود الدخول إنما هو كما يقول وردت البصرة ولم أدخلها وقد توقف كثير من العلماء عن تحقيق هذا الورود وحمله على ظاهره لقوله تعالى ) إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون ( قالوا فلا يدخل النار من ضمن الله أن يبعده عنها ومما يدل على أن الورود لا يستلزم الدخول قوله تعالى ) ولما ورد ماء مدين ( فإن المراد أشرف عليه لا أنه دخل فيه ومنه قول زهير
فلما وردن الماء زرقا حمامة وضعن عصى الحاضر المتخيم
ولا يخفى أن القول بأن الورود هو المرور على الصراط أو الورود على جهنم وهى خامدة فيه جمع بين الأدلة من الكتاب والسنة فينبغي حمل هذه الآية على ذلك لأنه قد حصل الجمع بحمل الورود على دخول النار مع كون الداخل من المؤمنين مبعدا من عذابهما أو بحمله على المضى فوق الجسر المنصوب عليها وهو الصراط ) كان على ربك حتما مقضيا ( أى كان ورودهم المذكور أمرا محتوما قد قضى سبحانه أنه لا بد من وقوعه لا محالة