"""""" صفحة رقم ٣٧٦ """"""
طه :( ٧١ ) قال آمنتم له.....
قوله ) قال آمنتم له ( يقال آمن له وآمن به فمن الأول قوله ) فآمن له لوط ( ومن الثاني قوله فى الأعراف ) آمنتم به قبل أن آذن لكم ( وقيل إن الفعل هنا متضمن معنى الاتباع وقرئ على الاستفهام التوبيخي أى كيف آمنتم به من غير إذن مني لكم بذلك ) إنه لكبيركم الذي علمكم السحر ( أى إن موسى لكبيركم أى أسحركم وأعلاكم درجة فى صناعة السحر أو معلمكم وأستاذكم كما يدل عليه قوله ) الذي علمكم السحر ( قال الكسائي الصبي بالحجاز إذا جاء من عند معلمه قال جئت من عند كبيري وقال محمد بن إسحاق إنه لعظيم السحر قال الواحدي والكبير فى اللغة الرئيس ولهذا يقال للمعلم الكبير أراد فرعون بهذا القول أن يدخل الشبهة على الناس حتى لا يؤمنوا وإلا فقد علم أنهم لم يتعلموا من موسى ولا كان رئيسا لهم ولا بينه وبينهم مواصلة ) فلأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ( أى والله لأفعلن بكم ذلك والتقطيع للأيدي والأرجل من خلاف هو قطع اليد اليمنى والرجل اليسرى ومن للابتداء ) ولأصلبنكم في جذوع النخل ( أى على جذوعها كقوله ) أم لهم سلم يستمعون فيه ( أى عليه ومنه قول سويد بن أبى كاهل
هم صلبوا العبدي فى جذع نخلة
فلا عطست شيبان إلا بأجدعا
وإنما آثر كلمة ) في ( للدلالة على استقرارهم عليها كاستقرار المظروف فى الظرف ) ولتعلمن أينا أشد عذابا وأبقى ( أراد لتعلمن هل أنا أشد عذابا لكم أم موسى ومعنى أبقى أدوم وهو يريد بكلامه هذا الاستهزاء بموسى لأن موسى لم يكن من التعذيب فى شئ ويمكن أن يريد العذاب الذى توعدهم به موسى إن لم يؤمنوا وقيل أراد بموسى رب موسى على حذف المضاف
طه :( ٧٢ ) قالوا لن نؤثرك.....
) قالوا لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات ( أى لن نختارك على ما جاءنا به موسى من البينات الواضحة من عند الله سبحانه كاليد والعصا وقيل إنهم أرادوا بالبينات ما رأوه فى سجودهم من المنازل المعدة لهم فى الجنة ) والذي فطرنا ( معطوف على ما جاءنا أى لن نختارك على ما جاءنا به موسى من البينات وعلى الذى فطرنا أى خلقنا وقيل هو قسم أى والله الذى فطرنا لن نؤثرك أو لا نؤثرك وهذان الوجهان فى تفسير الآية ذكرهما الفراء والزجاج ) فاقض ما أنت قاض ( هذا جواب منهم لفرعون لما قال لهم لأقطعن الخ والمعنى فاصنع ما أنت صانع واحكم ما أنت حاكم والتقدير ما أنت صانعه ) إنما تقضي هذه الحياة الدنيا ( أى إنما سلطانك علينا ونفوذ أمرك فينا فى هذه الدنيا ولا سبيل لك علينا فيما بعدها فاسم الإشارة فى محل نصب على الظرفية أو على المفعولية وما كافة وأجاز الفراء الرفع على أن تجعل ما بمعنى الذى أى أن الذى تقضيه هذه الحياة الدنيا فقضاؤك وحكمك منحصر فى ذلك
طه :( ٧٣ ) إنا آمنا بربنا.....
) إنا آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا ( التى سلفت منا من الكفر وغيره ) وما أكرهتنا عليه من السحر ( معطوف على خطايانا أى ويغفر لنا الذى أكرهتنا عليه من عمل السحر فى معارضة موسى فما فى محل نصب على المفعولية وقيل هى نافية قال النحاس والأول أولى قيل ويجوز أن يكون فى محل رفع بالابتداء والخبر مقدر أى وما أكرهتنا عليه من السحر موضوع عنا ) والله خير وأبقى ( أى خير منك ثوابا وأبقى منك عقابا وهذا جواب قوله ) ولتعلمن أينا أشد عذابا وأبقى )
طه :( ٧٤ ) إنه من يأت.....
) إنه من يأت ربه مجرما فإن له جهنم لا يموت فيها ولا يحيى ( المجرم هو المتلبس بالكفر والمعاصي ومعنى لا يموت فيها ولا يحيى أنه لا يموت فيستريح ولا يحيى حياة تنفعه قال المبرد لا يموت ميتة مريحة ولا يحيا حياة ممتعة فهو يألم كما يألم الحى ويبلغ به حال الموت فى المكروه إلا أنه لا يبطل فيها عن إحساس الألم والعرب تقول فلان لا حى ولا ميت إذا كان غير منتفع بحياته وأنشد ابن الأنباري فى مثل هذا
ألا من لنفس لا تموت فينقضي
شقاها ولا تحيا حياة لها طعم


الصفحة التالية
Icon