"""""" صفحة رقم ٣٧٩ """"""
فى البحر بمرأى من بني إسرائيل ) وواعدناكم جانب الطور الأيمن ( انتصاب جانب على أنه مفعول به لا على الظرفيه لأنه مكان معين غير مبهم وإنما تنتصب الأمكنة على الظرفية إذا كانت مبهمة قال مكي وهذا أصل لا خلاف فيه قال النحاس والمعنى أمرنا موسى أن يأمركم بالخروج معه لنكلمه بحضرتكم فتسمعوا الكلام وقيل وعد موسى بعد إغراق فرعون أن يأتي جانب الطور فالوعد كان لموسى وإنما خوطبوا به لأن الوعد كان لأجلهم وقرأ أبو عمرو وأبو جعفر ويعقوب ووعدناكم بغير ألف واختاره أبو عبيدة لأن الوعد إنما هو من الله لموسى خاصة والمواعدة لا تكون إلا من اثنين وقد قدمنا فى البقرة هذا المعنى والأيمن منصوب على أنه صفة للجانب والمراد يمين الشخص لأن الجبل ليس له يمين ولا شمال فإذا قيل خذ عن يمين الجبل بمعناه عن يمينك من الجبل وقرئ بجر الأيمن على أنه صفة للمضاف إليه ) ونزلنا عليكم المن والسلوى ( قد تقدم تفسير المن بالترنجبين والسلوى بالسماني وأوضحنا ذلك بما لا مزيد عليه وإنزال ذلك عليهم كان فى التيه
طه :( ٨١ ) كلوا من طيبات.....
) كلوا من طيبات ما رزقناكم ( أى وقلنا لهم كلوا والمراد بالطيبات المستلذات وقيل الحلال على الخلاف المشهور فى ذلك وقرأ حمزة والكسائي والأعمش قد أنجيتكم من عدوكم ووعدتكم جانب الطور كلوا من طيبات ما رزقتكم بتاء المتكلم فى الثلاثة وقرأ الباقون بنون العظمة فيها ) ولا تطغوا فيه ( الطغيان التجاوز أى لا تتجاوزوا ما هو جائز إلى ما لا يجوز وقيل المعنى لا تجحدوا نعمة الله فتكونوا طاغين وقيل لا تكفروا النعمة ولا تنسوا شكرها وقيل لا تعصوا المنعم أى لا تحملنكم السعة والعافية على المعصية ولا مانع من حمل الطغيان على جميع هذه المعاني فإن كل واحد منها يصدق عليه أنه طغيان ) فيحل عليكم غضبي ( هذا جواب النهي أى يلزمكم غضبي وينزل بكم وهو مأخوذ من حلول الدين أى حضور وقت أدائه ) ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى ( قرأ الأعمش ويحيى بن وثاب والكسائي ) فيحل ( بضم الحاء وكذلك قرءوا يحلل بضم اللام الأولى وقرأ الباقون بالكسر فيهما وهما لغتان قال الفراء والكسر أحب إلي من الضم لأن الضم من الحلول بمعنى الوقوع ويحل بالكسر يجب وجاء التفسير بالوجوب لا بالوقوع وذكر نحو هذا أبو عبيدة وغيره ومعنى ) فقد هوى ( فقد هلك قال الزجاج ) فقد هوى ( أى صار إلى الهاوية وهى قعر النار من هوى يهوي هويا أى سقط من علو إلى سفل وهوى فلان أى مات
طه :( ٨٢ ) وإني لغفار لمن.....
) وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ( أى لمن تاب من الذنوب التى أعظمها الشرك بالله وآمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وعمل عملا صالحا مما ندب إليه الشرع وحسنه ) ثم اهتدى ( أى استقام على ذلك حتى يموت كذا قال الزجاج وغيره وقيل لم يشك فى إيمانه وقيل أقام على السنة والجماعة وقيل تعلم العلم ليهتدي به وقيل علم أن لذلك ثوابا وعلى تركه عقابا والأول أرجح مما بعده
طه :( ٨٣ ) وما أعجلك عن.....
) وما أعجلك عن قومك يا موسى ( هذا حكاية لما جرى بين الله سبحانه وبين موسى عند موافاته الميقات قال المفسرون وكانت المواعدة أن يوافي موسى وجماعة من وجوه قومه فسار موسى بهم ثم عجل من بينهم شوقا إلى ربه فقال الله له ما أعجلك أى ما الذى حملك على العجلة حتى تركت قومك وخرجت من بينهم
طه :( ٨٤ ) قال هم أولاء.....
فأجاب موسى عن ذلك ) قال هم أولاء على أثري ( أى هم بالقرب مني تابعون لأثري واصلون بعدي وقيل لم يرد أنهم يسيرون خلفه بل أراد أنهم بالقرب منه ينتظرون عوده إليهم ثم قال مصرحا بسبب ما سأله الله عنه فقال ) وعجلت إليك رب لترضى ( أى لترضى عني بمسارعتي إلى امتثال أمرك أو لتزداد رضا عني بذلك قال أبو حاتم قال عيسى بن عمر بنو تميم يقولون أولا مقصورة وأهل الحجاز يقولون أولاء ممدودة وقرأ ابن أبى إسحاق ونصر ورويس عن يعقوب ) على أثري ( بكسر الهمزة وإسكان الثاء وقرأ الباقون بفتحها وهما لغتان ومعنى عجلت