"""""" صفحة رقم ٣٨٦ """"""
هو الله سبحانه أو إسرافيل وقرأ أبو عياض ) في الصور ( بفتح الواو جمع صورة وقرأ الباقون بسكون الواو وقرأ طلحة بن مصرف والحسن ) يحشر ( بالياء التحتية مبنيا للمفعول ورفع ) المجرمين ( وهو خلاف رسم المصحف وقرأ الباقون بالنون وقد سبق تفسير هذا فى الأنعام والمراد بالمجرمين المشركون والعصاة المأخوذون بذنوبهم التى لم يغفرها الله لهم والمراد ب ) يومئذ ( يوم النفخ فى الصور وانتصاب زرقا على الحال من المجرمين أى زرق العيون والزرقة الخضرة فى العين كعين السنور والعرب تتشاءم بزرقة العين وقال الفراء زرقا أى عمياء وقال الأزهري عطاشا وهو قول الزجاج لأن سواد العين يتغير بالعطش إلى الزرقة وقيل إنه كنى بقوله زرقا عن الطمع الكاذب إذا تعقبته الخيبة وقيل هو كناية عن شخوص البصر من شدة الحرص ومنه قول الشاعر
لقد زرقت عيناك يا بن معكبر
كما كل ضبي من اللؤم أزرق
والقول الأول أولى والجمع بين هذه الآية وبين قوله ) ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما ( ماقيل من أن ليوم القيامة حالات ومواطن تختلف فيها صفاتهم ويتنوع عندها عذابهم
طه :( ١٠٣ ) يتخافتون بينهم إن.....
وجملة ) يتخافتون بينهم ( فى محل نصب على الحال أو مستأنفة لبيان ما هم فيه فى ذلك اليوم والخفت فى اللغة السكون ثم قيل لمن خفض صوته خفته والمعنى يتساررون أى يقول بعضهم لبعض سرا ) إن لبثتم إلا عشرا ( أى ما لبثتم فى الدنيا إلا عشر ليال وقيل فى القبور وقيل بين النفختين والمعنى أنهم يستقصرون مدة مقامهم فى الدنيا أو فى القبور أو بين النفختين لشدة ما يرون من أهوال القيامة وقيل المراد بالعشر عشر ساعات
طه :( ١٠٤ ) نحن أعلم بما.....
ثم لما قالوا هذا القول قال الله سبحانه ) نحن أعلم بما يقولون إذ يقول أمثلهم طريقة ( أى أعدلهم قولا وأكملهم رأيا وأعلمهم عند نفسه ) إن لبثتم إلا يوما ( أى ما لبثتم إلا يوما واحدا ونسبة هذا القول إلى أمثلهم لكونه أدل على شدة الهول لا لكونه أقرب إلى الصدق
طه :( ١٠٥ ) ويسألونك عن الجبال.....
) ويسألونك عن الجبال ( أى عن حال الجبال يوم القيامة وقد كانوا سألوا النبى ( ﷺ ) عن ذلك فأمره الله سبحانه أن يجيب عنهم فقال ) فقل ينسفها ربي نسفا ( قال ابن الأعرابي وغيره يقلعها قلعا من أصولها ثم يصيرها رملا يسيل سيلا ثم يسيرها كالصوف المنفوش تطيرها الرياح هكذا وهكذا ثم كالهباء المنثور والفاء فى قوله ) فقل ( لجواب شرط مقدر والتقدير إن سألوك فقل أو للمسارعة إلى إلزام السائلين
طه :( ١٠٦ ) فيذرها قاعا صفصفا
والضمير فى قوله ) فيذرها ( راجع إلى الجبال باعتبار مواضعها أى فيذر مواضعها بعد نسف ما كان عليها من الجبال ) قاعا صفصفا ( قال ابن الأعرابي القاع الصفصف الأرض الملساء بلا نبات ولا بناء وقال الفراء القاع مستنقع الماء والصفصف القرعاء الملساء التى لا نبات فيها وقال الجوهري القاع المستوى من الأرض والجمع أقوع واقواع وقيعان والظاهر من لغة العرب أن القاع الموضع المنكشف والصفصف المستوى الأملس وأنشد سيبويه
وكم دون بيتك من صفصف
ودكداك رمل وأعقادها
وانتصاب قاعا على أنه مفعول ثان ليذر على تضمينه معنى التصيير أو على الحال والصفصف صفة له
طه :( ١٠٧ ) لا ترى فيها.....
ومحل ) لا ترى فيها عوجا ( النصب على أنه صفة ثانية لقاعا والضمير راجع إلى الجبال بذلك الاعتبار والعوج بكسر العين التعوج قاله ابن الأعرابي والأمت التلال الصغار والأمت فى اللغة المكان المرتفع وقيل العوج الميل والأمت الأثر مثل الشراك وقيل العوج الوادي والأمت الرابية وقيل هما الارتفاع وقيل العوج المصدوع والأمت الأكمة وقيل الأمت الشقوق فى الأرض وقيل الأمت أن يغلظ فى مكان ويدق فى مكان ووصف مواضع الجبال بالعوج بكسر العين ها هنا يدفع ما يقال إن العوج بكسر العين فى المعانى وبفتحها فى


الصفحة التالية
Icon