"""""" صفحة رقم ٣٩٧ """"""
سورة الأنبياء الاية ( ٨ ٩ )
الأنبياء :( ١ ) اقترب للناس حسابهم.....
يقال قرب الشئ واقترب وقد اقترب الحساب أى قرب الوقت الذى يحاسبون فيه قال الزجاج المعنى ) اقترب للناس ( وقت ) حسابهم ( أى القيامة كما فى قوله ) اقتربت الساعة ( واللام فى للناس متعلقة بالفعل وتقديمها هى ومجرورها على الفاعل لإدخال الروعة ومعنى اقتراب وقت الحساب دنوه منهم لأنه فى كل ساعة أقرب إليهم من الساعة التى قبلها وقيل لأن كل ما هو آت قريب وموت كل إنسان قيام ساعته والقيامة أيضا قريبة بالإضافة إلى ما مضى من الزمان فما بقى من الدنيا أقل مما مضى والمراد بالناس العموم وقيل المشركون مطلقا وقيل كفار مكة وعلى هذا الوجه قيل المراد بالحساب عذابهم يوم بدر وجملة ) وهم في غفلة معرضون ( فى محل نصب على الحال أى هم فى غفلة بالدنيا معرضون عن الآخرة غير متأهبين بما يجب عليهم من الإيمان بالله والقيام بفرائضه والانزجار عن مناهيه
الأنبياء :( ٢ ) ما يأتيهم من.....
) ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث ( من لابتداء الغاية وقد استدل بوصف الذكر لكونه محدثا على أن القرآن محدث لأن الذكر هنا هو القرآن وأجيب بأنه لا نزاع فى حدوث المركب من الأصوات والحروف لأنه متجدد فى النزول فالمعنى محدث تنزيله وإنما النزاع فى الكلام النفسي وهذه المسئلة أعني قدم القرآن وحدوثه قد ابتلى بها كثير من أهل العلم والفضل فى الدولة المأمونية والمعتصمية والواثقية وجرى للإمام أحمد بن حنبل ما جرى من الضرب الشديد والحبس الطويل وضرب بسببها عنق محمد بن نصر الخزاعي وصارت فتنة عظيمة فى ذلك الوقت وما بعده والقصة أشهر من أن تذكر ومن أحب الوقوف على حقيقتها طالع ترجمة الإمام أحمد بن حنبل فى كتاب النبلاء لمؤرخ الإسلام الذهبي ولقد أصاب أئمة السنة بامتناعهم من الإجابة إلى القول بخلق القرآن وحدوثه وحفظ الله بهم أمة نبيه عن الابتداع ولكنهم رحمهم الله جاوزوا ذلك إلى الجزم بقدمه ولم يقتصروا على ذلك حتى كفروا من قال بالحدوث بل جاوزوا ذلك إلى تكفير من قال لفظي بالقرآن مخلوق بل جاوزوا ذلك إلى تكفير من وقف وليتهم لم يجاوزوا حد الوقف وإرجاع العلم إلى علام الغيوب فإنه لم يسمع من السلف الصالح من الصحابة والتابعين ومن بعدهم إلى وقت قيام المحنة وظهور القول فى هذه المسئلة شئ من الكلام ولا نقل عنه كلمة فى ذلك فكان الامتناع من الإجابة إلى ما دعوا إليه والتمسك بأذيال الوقف وإرجاع علم ذلك إلى عالمه هو الطريقة المثلى وفيه السلامة والخلوص من تكفير طوائف من عباد الله والأمر لله سبحانه وقوله ) إلا استمعوه ( استثناء مفرغ فى محل نصب على الحال وجملة ) وهم يلعبون ( فى محل نصب على الحال من فاعل استمعوه
الأنبياء :( ٣ ) لاهية قلوبهم وأسروا.....
و ) لاهية قلوبهم ( حال أيضا والمعنى ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث فى حال من الأحوال إلا فى الاستماع مع اللعب والاستهزاء ولهوة القلوب وقرئ ) لاهية ( بالرفع كما قرئ محدث بالرفع ) وأسروا النجوى الذين ظلموا ( النجوى اسم من التناجي والتناجي لا يكون إلا سرا فمعنى إسرار النجوى المبالغة فى الإخفاء وقد اختلف فى محل الموصول على أقوال فقيل إنه فى محل رفع بدل من الواو فى أسروا قاله المبرد وغيره وقيل هو فى محل رفع على الذم وقيل هو فاعل لفعل محذوف والتقدير يقول الذين ظلموا واختار هذا النحاس وقيل فى محل نصب بتقدير أعنى وقيل فى محل خفض على أنه بدل من الناس ذكر ذلك المبرد وقيل هو فى محل رفع على أنه فاعل