"""""" صفحة رقم ٤١٩ """"""
جبار قياسا لجميع أفعالها على جرحها. ويجاب عنه بأن هذا القياس فاسد الاعتبار لأنه في مقابلة النص ومن أهل العلم من ذهب إلى أنه يضمن رب الماشية ما أفسدته من غير فرق بين الليل والنهار. ويجاب عنه بحديث البراء ومما يدل على أن هذين الحكمين من داود وسليمان كانا بوحي من الله سبحانه لا باجتهاد. قوله : وكلا آتينا حكما وعلما فإن الله سبحانه أخبرنا بأنه أعطى كل واحد منهما هذين الأمرين وهما إن كانا خاصين فصدقهما على هذه القضية التي حكاها الله سبحانه عنهما مقدم على صدقهما على غيرها وإن كانا عامين فهذا الفرد من الحكم والعلم وهو ما وقع من كل واحد منهما في هذه القضية أحق أفراد ذلك العام بدخوله تحته ودلالته عليه ومما يستفاد من ذلك دفع ما عسى يوهمه تخصيص سليمان بالتفهيم من عدم كون حكم داود حكما شرعيا : أي وكل واحد منهما أعطيناه حكما وعلما كثيرا لا سليمان وحده. ولما مدح داود سليمان على سبيل الاشتراك ذكر ما يختص بكل واحد ممنهما فبدأ بداود فقال : وسخرنا مع داود الجبال يسبحن التسبيح إما حقيقة أو مجاز وقد قال بالأول جماعة وهو الظاهر. وذلك أن داود كان إذا سبح سبحت الجبال معه وقيل إنها كانت تصلي معه إذا صلى وهو معنى التسبيح. وقال بالمجاز جماعة آخرون وحملوا التسبيح على تسبيح من رآها تعجبا من عظيم خلقها وقدرة خالقها وقيل كانت الجبال تسير مع داود فكان من رآها سائرة معه سبح والطير معطوف على الجبال وقرئ بالرفع على أنه مبتدأ وخبره محذوف : أي والطير مسخرات ولا يصح العطف على الضمير في يسبحن لعدم التأكيد والفضل وكنا فاعلين يعني ما ذكر من التفهيم وإيتاء الحكم والتسخير.
الأنبياء :( ٨٠ ) وعلمناه صنعة لبوس.....
٨٠ وعلمناه صنعة لبوس لكم اللبوس عند العرب السلاح كله درعا كان أو جوشنا أو سيفا أو رمحا قال الهذلي : وعندي لبوس في اللباس كأنه إلخ والمراد في الآية الدروع خاصة وهو بمعنى الملبوس كالركوب والجلوب والجار والمجرور أعني لكم متعلق بعلمنا لتحصنكم من بأسكم قرأ الحسن وأبو جعفر وابن عامر وحفص وروح لتحصنكم بالتاء الفوقية بإرجاع الضمير إلى الصنعة أو إلى اللبوس بتأويل الدرع. وقرأ شيبة وأبو بكر والمفضل وابن أبي إسحاق لتحصنكم بالنون بإرجاع الضمير إليه سبحانه. وقرأ الباقون بالياء بإرجاع الضمير إلى اللبوس أو إلى داود أو إلى الله سبحانه. ومعنى من بأسكم من حربكم أو من وقع السلاح فيكم فهل أنتم شاكرون لهذه النعمة التي أنعمنا بها عليكم والاستفهام في معنى الأمر. سورة الأنبياء الجزء : ٣ الصفحة : ٦٠٠
الأنبياء :( ٨١ ) ولسليمان الريح عاصفة.....
ثم ذكر سبحانه ما خص به سليمان. فقال : ٨١ ولسليمان الريح أي وسخرنا له الريح عاصفة أي شديدة الهبوب. يقال عصفت الريح : أي اشتدت فهي ريح عاصف وعصوف وانتصاب الريح على الحال. وقرأ عبد الرحمن الأعرج والسلمي وأبو بكر ولسليمان الريح برفع الريح على القطع مما قبله ويكون مبتدأ وخبره تجري. وأما على قراءة النصب فيكون محل تجري بأمره النصب أيضا على الحالية أو على البدلية إلى الأرض التي باركنا فيها وهي أرض الشام كما تقدم وكنا بكل شيء عالمين أي بتدمير كل شيء.
الأنبياء :( ٨٢ ) ومن الشياطين من.....
٨٢ ومن الشياطين أي وسخرنا من الشياطين من يغوصون له في البحار ويستخرجون منها ما يطلبه منهم وقيل إن من مبتدأ وخبره ما قبله والغوص النزول تحت الماء يقال غاص في الماء والغواص : الذي يغوص في البحر على اللؤلؤ ويعملون عملا دون ذلك قال الفراء : أي سوى ذلك وقيل أراد بذلك المحاريب والتماثيل وغير ذلك مما يسخرهم فيه وكنا لهم حافظين أي لأعمالهم. وقال الفراء : حافظين لهم من أن يهربوا أو يتمنعوا أو حفظناهم من أن يخرجوا عن أمره. قال الزجاج : كان يحفظهم من أن يفسدوا ما عملوا وكان دأبهم أن يفسدوا بالليل ما عملوا بالنهار.
الأنبياء :( ٨٣ ) وأيوب إذ نادى.....
٨٣ وأيوب إذ نادى ربه معطوف


الصفحة التالية
Icon