"""""" صفحة رقم ٤٣ """"""
النوع العظيم من أنواع الفساد ولو لم يكن من ذلك إلا ردهم لبضاعتهم التى وجدوها في رحالهم والمراد بالأرض هنا أرض مصر ثم أكدوا هذه الجملة التى أقسموا بالله عليها بقولهم ) وما كنا سارقين ( لزيادة التبري مما قرفوهم به والتنزه عن هذه النقيصة الخسيسة والرذيلة الشنعاء
يوسف :( ٧٤ ) قالوا فما جزاؤه.....
) قالوا فما جزاؤه إن كنتم كاذبين ( هذه الجملة مسأنفة كما تقدم غير مرة فى نظائرها والقائلون هم أصحاب يوسف أوالمنادى منهم وحده كما مر والضمير فى جزاؤه للصواع على حذف مضاف أي فما جزاء سرقة الصواع عندكم أو الضمير للسارق أي فما جزاء سارق الصواع عندكم ) إن كنتم كاذبين ( فيما تدعونه لأنفسكم من البراءة عن السرقة وذلك بأن يوجد الصواع معكم
يوسف :( ٧٥ ) قالوا جزاؤه من.....
فأجاب أخوة يوسف و ) قالوا جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه ( أي جزاء سرقة الصواع أو جزاء سارق الصواع وجزاؤه مبتدأ والجملة الشرطية وهى من وجد فى رحله فهو جزاؤه خبر المبتدأ على إقامة الظاهر مقام المضمر فيها والأصل جزاؤه من وجد فى رحله فهو فيكون الضمير الثاني عائد إلى المبتدأ والأول إلى من ويجوز أن يكون خبر المبتدأ من وجد فى رحله والتقدير جزاء السرقة للصواع أخذ من وجد فى رحله وتكون جملة فهو جزاؤه لتأكيد الجملة الأولى وتقريرها قال الزجاج وقوله ) فهو جزاؤه ( زيادة في البيان أي جزاؤه أخذ السارق فهو جزاؤه لا غير قال المفسرون وكان حكم السارق فى آل يعقوب أن يسترق سنة فلذلك استفتوهم في جزائه ) كذلك نجزي الظالمين ( أي مثل ذلك الجزاء الكامل نجزي الظالمين لغيرهم من الناس بسرقة أمتعتهم وهذه الجملة مؤكدة لما قبلها إذا كانت من كلام إخوة يوسف ويجوز أن تكون من كلام أصحاب يوسف أي كذلك نحن نجزي الظالمين بالسرق ثم لما ذكروا جزاء السارق أرادوا أن يفتشوا أمتعتهم حتى يتبين الأمر فأقبل يوسف على ذلك
يوسف :( ٧٦ ) فبدأ بأوعيتهم قبل.....
) فبدأ ( تفتيش ) باوعيتيهم ( أي أوعية الإخوة العشرة ) قبل وعاء أخيه ( أي قبل تفتيشه لوعاء أخيه بنيامين دفعا للتهمة ورفعا لما دبره من الحيلة ) ثم استخرجها ( أي السقاية أو الصواع لأنه يذكر ويؤنث ) كذلك كدنا ليوسف ( أي مثل ذلك الكيد العجيب كدنا ليوسف يعني علمناه إياه وأوحيناه إليه والكيد مبدؤه السعي فى الحيلة والخديعة ونهايته إلقاء المخدوع من حيث لا يشعر فى أمر مكروه لا سبيل إلى دفعه وهو محمول فى حق الله سبحانه على النهاية لا على البداية قال القتيبي معنى كدنا دبرنا وقال ابن الأنباري أردنا وفي الآية دليل على جواز التوصل إلى الأغراض الصحيحة بما صورته صورة الحيلة والمكيدة إذا لم يخالف ذلك شرعا ثابتا ) ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك ( أي ما كان يوسف ليأخذ أخاه بنيامين في دين الملك أي ملك مصر وفي شريعته التى كان عليها بل كان دينه وقضاؤه أن يضرب السارق ويغرم ضعف ما سرقه دون الاستعباد سنة كما هو دين يعقوب وشريعته وحاصله أن يوسف ما كان يتمكن من إجراء حكم يعقوب على أخيه مع كونه مخالفا لدين الملك وشريعته لولا ما كاد الله له ودبره وأراده حتى وجد السبيل إليه وهو ما أجراه على ألسن إخوته من قولهم إن جزاء السارق الاسترقاق فكان قولهم هذا هو بمشيئة الله وتدبيره وهو معنى قوله ) إلا أن يشاء الله ( أي إلا حال مشيئته وإذنه بذلك وإرادته له وهذه الجملة أعني ما كان ليأخذ أخاه الخ تعليل لما صنعه الله من الكيد ليوسف أو تفسير له ) نرفع درجات من نشاء ( بضروب العلوم والمعارف والعطايا والكرامات كما رفعنا درجة يوسف بذلك ) وفوق كل ذي علم ( ممن رفعه الله بالعلم ) عليم ( أرفع رتبة منهم وأعلى درجة لا يبلغون مداه ولا يرتقون شأوه وقيل معنى ذلك أن فوق كل أهل العلم عليم وهو الله سبحانه
الآثار الواردة في تفسير الآيات
وقد أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس فى قوله ) وقال يا بني لا تدخلوا من باب واحد ( قال رهب يعقوب عليهم العين وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر عن محمد بن كعب قال خشي عليهم العين وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وأبو الشيخ عن النخعي في قوله ) وادخلوا من أبواب متفرقة ( قال


الصفحة التالية
Icon