"""""" صفحة رقم ٦٤ """"""
قال الزجاج لما ذكر أنهم لا يؤمنون ذكر الدليل الذى يوجب التصديق بالخالق
الرعد :( ٢ ) الله الذي رفع.....
فقال ) الله الذي رفع السماوات بغير عمد ( والعمد الأساطين جمع عماد أى قائمات بغير عمد تعتمد عليه وقيل لها عمد ولكن لا نراه قال الزجاج العمد قدرته التى يمسك بها السموات وهى غير مرئية لنا وقرئ ) عمد ( على أنه جمع عمود يعمد به أى يسند إليه قال النابغة وخبر الجن أنى قد أذنت لهم
يبنون تذمر بالصفاح والعمد
وجملة ترونها مستأنفة استشهاد على رؤيتهم لها كذلك وقيل هى صفة لعمد وقيل فى الكلام تقديم وتأخير والتقدير رفع السموات ترونها بغير عمد ولا ملجئ إلى مثل هذا التكلف ) ثم استوى على العرش ( أى استولى عليه بالحفظ والتدبير أو استوى أمره أو أقبل على خلق العرش وقد تقدم الكلام على هذا مستوفى والاستواء على العرش صفة لله سبحانه بلا كيف كما هو مقرر فى موضعه من علم الكلام ) وسخر الشمس والقمر ( أى ذللهما لما يراد منهما من منافع الخلق ومصالح العباد ) كل يجري إلى أجل مسمى ( أى كل من الشمس والقمر يجري إلى وقت معلوم وهو فناء الدنيا وقيام الساعة التى تكور عندها الشمس ويخسف القمر وتنكدر النجوم وتنتثر وقيل المراد بالأجل المسمى درجاتهما ومنازلهما التى تنتهيان إليها لا يجاوزنها وهى سنة للشمس وشهر للقمر ) يدبر الأمر ( أى يصرفه على ما يريد وهو أمر ملكوته وربوبيته ) يفصل الآيات ( أى يبينها وهى الآيات الدالة على كمال قدرته وربوبيته ومنها ما تقدم من رفع السماء بغير عمد وتسخير الشمس والقمر وجريهما لأجل مسمى والجملتان فى محل نصب على الحال أو خبر إن لقوله ) الله الذي رفع ( على أن الموصول صفة للمبتدأ والمراد من هذا تنبيه العباد أن من قدر على هذه الأشياء فهو قادر على البعث والإعادة ولذا قال ) لعلكم بلقاء ربكم توقنون ( أى لعلكم عند مشاهدة هذه الآيات توقنون بذلك لا تشكون فيه ولا تمترون في صدقه
الرعد :( ٣ ) وهو الذي مد.....
ولما ذكر الدلائل السماوية أتبعها بذكر الدلائل الأرضية فقال ) وهو الذي مد الأرض ( قال الفراء بسطها طولا وعرضا وقال الأصم إن المد هو البسط إلى ما لا يدرك منتهاه وهذا المد الظاهر للبصر لا ينافي كريتها فى نفسها لتباعد أطرافها ) وجعل فيها رواسي ( أى جبالا ثوابت وأحدها راسية لأن الأرض ترسو بها اى تثبت والإرساء الثبوت قال عنترة فصرت عارفة لذلك حرة
ترسو إذا نفس الجبان تطلع
وقال جميل أحبها والذى أرسى قواعده
حتى إذا ظهرت آياته بطنا
) وأنهارا ( أى مياها جارية فى الأرض فيها منافع الخلق أو المراد جعل فيها مجاري الماء ) ومن كل الثمرات جعل فيها زوجين اثنين ( من كل الثمرات متعلق بالفعل الذى بعده أى جعل فيها من كل الثمرات زوجين اثنين الزوج يطلق على الاثنين وعلى الواحد المزاوج لآخر والمراد هنا بالزوج الواحد ولهذا أكد الزوجين بالاثنين لدفع توهم انه أريد بالزوج هنا الاثنين وقد تقدم تحقيق هذا مستوفى أى جعل كل نوع من أنواع ثمرات الدنيا صنفين إما فى اللونية كالبياض والسواد ونحوهما أو فى الطعمية كالحلو والحامض ونحوهما أو فى القدر كالصغر والكبر أو فى الكيفية كالحر والبرد قال الفراء يعني بالزوجين هنا الذكر والأنثى والأول أولى ) يغشي الليل النهار ( أى يلبسه مكانه فيصير أسود مظلما بعدما كان أبيض منيرا شبه إزالة نور الهدى بالظلمة بتغطية الأشياء الحسية بالأغطية التى تسترها وقد سبق تفسير هذه فى الأعراف ) إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون (