"""""" صفحة رقم ١٣١ """"""
) لا يحطمنكم سليمان وجنوده ( الحطم الكسر يقال حطمته حطما أى كسرته كسرا وتحطم تكسر وهذا النهى هو فى الظاهر للنمل وفى الحقيقة لسليمان فهو من باب لا أرينك هاهنا ويجوز أن يكون بدلا من الأمر ويحتمل أن يكون جوابا للأمر قال أبو حيان أما تخريجه على جواب الأمر فلا يكون إلا على قراءة الأعمش فإنه قرأ لايحطمكم بالجزم بدون نون التوكيد وأما مع وجود نون التوكيد فلا يجوز ذلك إلا فى الشعر قال سيبويه وهو قليل فى الشعر شبهوه بالنهى حيث كان مجزوما وقرأ أبى ادخلوا مساكنكن وقرأ شهر بن حوشب مسكنكم وقرأ الحسن وأبو رجاء وقتادة وعيسى الهمذانى لايحطمنكم بضم الياء وفتح الحاء وتشديد الطاء وقرأ ابن أبى إسحاق ويعقوب وأبو عمرو فى رواية بسكون نون التوكيد وجملة ) وهم لا يشعرون ( فى محل نصب علي الحال من فاعل يحطمنكم أى لايشعرون بحطمكم ولايعلمون بمكانكم وقيل إن المعنى والنمل لايشعرون أن سليمان يفهم مقالتها وهو بعيد
النمل :( ١٩ ) فتبسم ضاحكا من.....
) فتبسم ضاحكا من قولها ( قرأ ابن السميفع ضحكا وعلى قراءة الجمهور يكون ضاحكا حالا مؤكدة لأنه قد فهم الضحك من التبسم وقيل هي حال مقدرة لأن التبسم أول الضحك وقيل لما كان التبسم قد يكون للغضب كان الضحك مبينا له وقيل إن ضحك الأنبياء هو التبسم لاغير وعلى قراءة ابن السميفع يكون ضحكا مصدرا منصوبا بفعل محذوف أو فى موضع الحال وكان ضحك سليمان تعجبا من قولها وفهمها واهتدائها إلى تحذير النمل ) وقال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي ( قد تقدم بيان معنى أوزعنى قريبا فى قوله فهم يوزعون قال فى الكشاف وحقيقة أوزعنى اجعلنى أزع شكر نعمك عندى وأكفه وأرتبطه لاينفلت عنى حتى لا أنفك شاكرا لك انتهى قال الواحدى أوزعنى أى ألهمنى أن اشكر نعمتك على يقال موزع بكذا أى مولع به انتهى قال القرطبى وأصله من وزع فكأنه قال كفني عما يسخطك انتهى والمفعول الثانى لأوزعنى هو أن أشكر نعمتك التي أنعمت على وقال الزجاج إن معنى أوزعنى امنعنى أن أكفر نعمتك وهو تفسير باللازم ومعنى وعلى والدي الدعاء منه بأن يوزعه الله شكر نعمته على والديه كما أوزعه شكر نعمته عليه فإن الإنعام عليهما إنعام عليه وذلك يستوجب الشكر منه لله سبحانه ثم طلب أن يضيف الله له لواحق نعمه إلى سوابقها ولا سيما النعم الدينية فقال ) وأن أعمل صالحا ترضاه ( أي عملا صالحا ترضاه منى ثم دعا أن يجعله الله سبحانه في الآخرة داخلا في زمرة الصالحين فإن ذلك هو الغاية التي يتعلق الطلب بها فقال ) وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين ( والمعنى أدخلني في جملتهم وأثبت اسمى في أسمائهم واحشرني في زمرتهم إلى دار الصالحين وهي الجنة اللهم وإني أدعوك بما دعاك به هذا النبي الكريم فتقبل ذلك مني وتفضل على به فإني وإن كنت مقصرا في العمل ففضلك هو سبب الفوز بالخير فهذه الآية منادية بأعلى صوت وأوضح بيان بأن دخول الجنة التي هي دار المؤمنين بالتفضل منك لا بالعمل منهم كما قال رسولك الصادق المصدوق فيما ثبت عنه في الصحيح سددوا وقاربوا واعلموا أن لن يدخل أحد الجنة بعمله قالوا ولا أنت يا رسول الله قال ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته فإذا لم يكن إلا تفضلك الواسع فترك طلبه منك عجز والتفريط في التوسل إليك بالإيصال إليه تضييع
النمل :( ٢٠ ) وتفقد الطير فقال.....
ثم شرع سبحانه في ذكر قصة بلقيس وما جرى بينها وبين سليمان وذلك بدلالة الهدهد فقال ) وتفقد الطير ( التفقد تطلب ما غاب عنك وتعرف أحواله والطير اسم جنس لكل ما يطير والمعنى أنه تطلب ما فقد من الطير وتعرف حال ما غاب منها وكانت الطير تصحبه في سفره وتظله بأجنحتها ) فقال ما لي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين ( أي


الصفحة التالية
Icon