"""""" صفحة رقم ١٣٧ """"""
وتفسير فذهب الهدهد فألقاه إليهم فسمعها تقول يا أيها الملأ الخ ووصفت الكتاب بالكريم لكن عند عظيم في نفسها فعظمته إجلالا لسليمان وقيل وصفته بذلك لاشتماله على كلام حسن وقيل وصفته لكونه وصل إليها مختوما بخاتم سليمان وكرامة الكتاب ختمه كما روى ذلك مرفوعا
النمل :( ٣٠ ) إنه من سليمان.....
ثم بينت ما تضمنه الكتاب فقالت ) إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم ( أي وإن ما اشتمل عليه من الكلام وتضمنه من مفتتح بالتسمية وبعد التسمية
النمل :( ٣١ ) ألا تعلوا علي.....
) وأن لا تعلوا على ( أى لا تتكبروا كما يفعله جبابرة الملوك وأن هي المفسرة مصدرية ولا ناهية وقيل نافية ومحل الجملة الرفع على أنها بدل من كتاب أو خبر مبتدأ محذوف أي لا تعلوا قرأ الجمهور ) إنه من سليمان وإنه ( بكسرهما على الاستئناف وقرأ عكرمة وابن أبى عبلة بفتحهم إسقاط حرف الجر وقرأ أبى إن من سليمان وإن بسم الله بحذف الضميرين وإسكان النونين على أنهما مفسرة وقرأ عبد الله بن مسعود وإنه من سليمان بزيادة الواو وروى ذلك أيضا عن أبى وقرأ أشهب العقيلى السميفع أن لا تغلوا بالغين المعجمة من الغلو وهو تجاوز الحد في الكبر وأتوني مسلمين أى منقادين لي مؤمنين بما جئت به
النمل :( ٣٢ ) قالت يا أيها.....
) قالت يا أيها الملأ أفتوني في أمري ( الملأ أشراف القوم والمعنى يا أيها الأشراف أشيروا وبينوا لي الصواب في هذا الأمر وأجيبوني بما يقتضيه الحزم وعبرت عن المشورة بالفتوى لكون في ذلك لما أشكل من الأمر عليها وفي الكلام حذف والتقدير فلما قرأت بلقيس الكتاب جمعت أشراف قومها وقالت لهم يا أيها الملأ إنى ألقى إلى يا أيها الملأ افتونى وكرر قالت لمزيد العناية بما قالته لهم ثم زادت في التأمل واستجلاب خواطرهم ليمحضوها النصح ويشيروا عليها بالصواب فقالت ما كنت قاطعة أمرا حتى تشهدون وما كنت مبرمة أمرا من الأمور حتى تحضروا عندى وتشيروا على
النمل :( ٣٣ ) قالوا نحن أولوا.....
فقالوا مجيبين لها ) نحن أولوا قوة ( في العتاد والعدة ) وأولو بأس شديد ( عند الحرب واللقاء لنا من الشجاعة والنجدة ما نمنع به أنفسنا وبلدنا ومملكتنا فوضوا الأمر إليها لعلمهم بصحة رأيها وقوة عقلها فقالوا ) والأمر إليك ( أي موكول إلى رأيك ونظرك ) فانظري ماذا تأمرين ( أى تأملي ماذا تأمرينا به فنحن سامعون لأمرك مطيعون له
النمل :( ٣٤ ) قالت إن الملوك.....
فلما سمعت تفويضهم الأمر إليها ) قالت إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها ( أى إذا دخلوا قرية من القرى خربوا مبانيها وغيروا مغانيها وأتلفوا أموالها وفرقوا شمل أهلها ) وجعلوا أعزة أهلها أذلة ( أي أهانوا أشرافها وحطوا مراتبهم فصاروا عند ذلك أذلاء وإنما يفعلون ذلك لأجل أن يتم لهم الملك وتستحكم لهم الوطأة وتتقرر لهم في قلوبهم المهابة قال الزجاج أى إذ دخلوها عنوة عن قتال وغلبة والمقصود من قولها هذا تحذير قومها من مسير سليمان إليهم ودخوله بلادهم وقد صدقها الله سبحانه فيما قالت فقال سبحانه ) وكذلك يفعلون ( أي مثل ذلك الفعل يفعلون قال ابن الأنبارى الوقف على قوله ) وجعلوا أعزة أهلها أذلة ( وقف تام فقال الله عز وجل تحقيقا لقولها ) وكذلك يفعلون ( وقيل هذه الجملة من تمام كلامها فتكون من جملة مقول قولها وعلى القول الأول تكون هذه الجملة مستأنفة لا محل لها من الإعراب
النمل :( ٣٥ ) وإني مرسلة إليهم.....
ثم لما قدمت لهم هذه المقدمة وبينت لهم ما في دخول الملوك إلى أرضهم من المفسدة أوضحت لهم وجه الرأى عندها وصرحت لهم بصوابه فقالت ) وإني مرسلة إليهم بهدية ( أى إنى أجرب هذا الرجل بإرسال رسلى إليه بهدية مشتملة على نفائس الأموال فإن كان ملكا أرضيناه بذلك وكفينا أمره وإن كان نبيا لم يرضه ذلك لأن غاية مطلبه ومنتهى أربه هو الدعاء إلى الدين فلا ينجينا منه إلا إجابته ومتابعته والتدين بدينه وسلوك طريقته ولهذا قالت ) فناظرة بم يرجع المرسلون ( الفاء للعطف على مرسلة وبم متعلق بيرجع والمعنى إنى ناظرة فيما يرجع به رسلى المرسلون بالهدية من قبول أو رد فعاملة بما يقتضيه ذلك وقد طول المفسرون في ذكر


الصفحة التالية
Icon