"""""" صفحة رقم ١٤٦ """"""
يشركون أي الله الذي ذكرت أفعاله وصفاته الدالة على عظيم قدرته خير أما يشركون به من الأصنام وهذه الخيرية ليست بمعناها الأصلي بل هي كقول الشاعر أتهجوه ولست له بكفء
فشركما لخيركما الفداء
فيكون ما في الاية من باب التهكم بهم إذ لا خير فيهم أصلا وقد حكى سيبويه أن العرب تقول السعادة أحب إليك أم الشقاوة ولا خير في الشقاوة أصلا وقيل المعنى أثواب الله خير أم عقاب ما تشركون به وقيل قال لهم ذلك جريا على اعتقادهم لأنهم كانوا يعتقدون أن في عبادة الأصنام خيرا وقيل المراد من هذا الاستفهام الخبر قرأ الجمهور تشركون بالفوقية على الخطاب وهي اختيار أبي عبيد وأبي حاتم وقرأ أبو عمرو وعاصم ويعقوب يشركون بالتحتية و أم في أما يشركون هي المتصلة
النمل :( ٦٠ ) أم من خلق.....
وأما في قوله أمن خلق السموات والأرض فهي المنقطعة وقال أبو حاتم تقديره آلهتكم خير أم من خلق السموات والأرض وقدر على خلقهن وقيل المعنى أعبادى ما تعبدون من أوثانكم خير أم عبادة من خلق السموات والأرض فتكون أم على هذا متصلة وفيها معنى التوبيخ والتهكم كما في الجملة الأولى وقرأ الأعمش أمن بتخفيف الميم ) وأنزل لكم من السماء ( ماء أي نوعا من الماء وهو المطر ) فأنبتنا به حدائق ( جمع حديقة قال الفراء الحديقة البستان الذي عليه حائط فإن لم يكن عليه حائط فهو البستان وليس بحديقة وقال قتادة وعكرمة الحدائق النخل ذات بهجة أي ذات حسن ورونق والبهجة هي الحسن الذي يبتهج به من راه ولم يقل ذوات بهجة على الجمع لأن المعنى جماعة حدائق ) ما كان لكم أن تنبتوا شجرها ( أي ما صح لكم أن تفعلوا ذلك ومعنى هذا النفي الحظر والمنع من فعل هذا أي ما كان للبشر ولا يتهيأ لهم ذلك ولا يدخل تحت مقدرتهم لعجزهم عن إخراج الشيء من العدم إلى الوجود ثم قال سبحانه موبخا لهم ومقرعا ءاله مع الله أي هل معبود مع الله الذي تقدم ذكر بعض أفعاله حتى يقرن به ويجعل شريكا له في العبادة وقرىء ءالها مع الله بالنصب على تقدير أتدعون إلها ثم أضرب عن تقريعهم وتوبيخهم بما تقدم وانتقل إلى بيان سوء حالهم مع الالتفات من الخطاب إلى الغيبة فقال بل هم قوم يعدلون أي يعدلون بالله غيره أ يعدلون عن الحق إلى الباطل
النمل :( ٦١ ) أم من جعل.....
ثم شرع في الاستدلال بأحوال الأرض وما عليها فقال أمن جعل الأرض قرارا القرار المستقر أي دحاها وسواها بحيث يمكن الاستقرار عليها وقيل هذه الجملة وما بعدها من الجمل الثلاث بدل من قوله أمن خلق السموات والأرض ولا ملجىء لذلك بلى هي وما بعدها إضراب وانتقال من التوبيخ والتقريع بما قبلها إلى التوبيخ والتقريع بشيء اخر وجعل خلالها أنهارا الخلال الوسط وقد تقدم تحقيقه في قوله ) وفجرنا خلالهما نهرا ( وجعل لها رواسي أي جبالا ثوابت تمسكها وتمنعها من الحركة وجعل بين البحرين حاجزا الحاجز المانع أي جعل بين البحرين من قدرته حاجزا والبحران هما العذب والمالح فلا يختلط أحدهما بالاخر فلا هذا يغير ذاك ولا ذاك يدخل في هذا وقد مر بيانه في سورة الفرقان ) أإله مع الله ( أي إذا ثبت أنه لا يقدر على ذلك إلا الله فهل إله في الوجود يصنع صنعه ويخلق خلقه فكيف يشركون به مالا يضر ولا ينفع بل أكثرهم لا يعلمون توحيد ربهم وسلطان قدرته
النمل :( ٦٢ ) أم من يجيب.....
أمن يجيب المضطر إذا دعاه هذا استدلال منه سبحانه بحاجة الإنسان إليه على العموم والمضطر اسم مفعول من الاضطرار وهو المكروب المجهود الذي لا حول له ولا قوة وقيل هو المذنب وقيل هو الذي عراه ضر من فقر أو مرض فألجأه إلى التضرع إلى الله واللام في المضطر للجنس لا للاستغراق فقد لايجاب دعاء بعض بعض المضطرين لمانع يمنع من ذلك بسبب يحدثه العبد يحول بينه وبين إجابة دعائه وإلا فقد ضمن الله سبحانه