"""""" صفحة رقم ١٩٦ """"""
سورة العنكبوت ( ٢٤ - ٢٧ )
العنكبوت :( ١٤ ) ولقد أرسلنا نوحا.....
أجمل سبحانه قصة نوح تصديقا لقوله في أول السورة ) ولقد فتنا الذين من قبلهم ( وفيه تثبيت للنبي صلى الله عليه واله وسلم كأنه قيل له إن نوحا لبث ألف سنة إلا خمسين عاما يدعو قومه ولم يؤمن منهم إلا قليل فأنت أولى بالصبر لقلة مدة لبثك وكثرة عدد أمتك قيل ووقع في النظم إلا خمسين عاما ولم يقل تسعمائة سنة وخمسين لأن في الاستثناء تحقيق العدد بخلاف الثاني فقد يطلق على ما يقرب منه وقد اختلف في مقدار عمر نوح وسيأتي اخر البحث وليس في الاية إلا أنه لبث فيهم هذه المدة وهي لا تدل على أنها جميع عمره فقد تلبث في غيرهم قبل اللبث فيهم وقد تلبث في الأرض بعد هلاكهم بالطوفان والفاء في ) فأخذهم الطوفان ( للتعقيب أي أخذهم عقب تمام المدة المذكورة والطوفان يقال لكل شيء كثير مطيف بجمع محيط بهم من مطر أو قتل أو موت قاله النحاس وقال سعيد بن جبير وقتادة والسدي هو المطر وقال الضحاك الغرق وقيل الموت ومنه قول الشاعر أفناهم طوفان موت جارف
وجملة وهم ظالمون في محل نصب على الحال أي مستمرون على الظلم ولم ينجع فيهم ما وعظهم به نوح وذكرهم هذه المدة بطولها
العنكبوت :( ١٥ ) فأنجيناه وأصحاب السفينة.....
) فأنجيناه وأصحاب السفينة ( أي أنجينا نوحا وأنجينا من معه في السفينة من أولاده وأتباعه واختلف في عددهم على أقوال ) وجعلناها ( أي السفينة ) آية للعالمين ( أي عبرة عظيمة لهم وفي كونها آية وجوه أحدها أنها كانت باقية على الجودى مدة مديدة وثانيها أن الله سلم السفينة من الرياح المزعجة وثالثها أن الماء غيض قبل نفاذ الزاد وهذا غير مناسب لوصف السفينة بأن الله جعلها آية وقيل إن الضمير راجع في جعلناها إلى الواقعة أو إلى النجاة أو إلى العقوبة بالغرق
العنكبوت :( ١٦ ) وإبراهيم إذ قال.....
) وإبراهيم إذ قال لقومه ( انتصاب إبراهيم بالعطف على نوحا وقال النسائي هو معطوف على الهاء في جعلناها وقيل منصوب بمقدر أي واذكر إبراهيم وإذ قال منصوب على الظرفية أي وأرسلنا إبراهيم وقت قوله لقومه اعبدوا الله أو جعلنا إبراهيم آية وقت قوله هذا أو واذكر إبراهيم وقت قوله على أن الظرف بدل اشتمال من إبراهيم ) اعبدوا الله واتقوه ( أي أفردوه بالعبادة وخصوه بها واتقوه أن تشركوا به شيئا ) ذلكم خير لكم ( أي عبادة الله وتقواه خير لكم من الشرك ولا خير في الشرك أبدا ولكنه خاطبهم باعتبار اعتقادهم ) إن كنتم تعلمون ( شيئا من العلم أو تعلمون علما تميزون به بين ما هو خير وما هو شر قرأ الجمهور وإبراهيم بالنصب ووجهه ما قدمنا وقرأ النخعي وأبو جعفر وأبو حنيفة بالرفع على الابتداء والخبر مقدر أي ومن المرسلين إبراهيم
العنكبوت :( ١٧ ) إنما تعبدون من.....
) إنما تعبدون من دون الله أوثانا ( بين لهم إبراهيم أنهم يعبدون مالا ينفع لا يضر ولا يسمع ولا يبصر والأوثان هي


الصفحة التالية
Icon