"""""" صفحة رقم ٢٤١ """"""
لقمان :( ٢٠ ) ألم تروا أن.....
لما فرغ سبحانه من قصة لقمان رجع إلى توبيخ المشركين وتبكيتهم وإقامة الحجج عليهم فقال ) ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السماوات وما في الأرض ( قال الزجاج معنى تسخيرها للادميين الانتفاع بها انتهى فمن مخلوقات السموات المسخرة لبني ادم أي التي ينتفعون بها الشمس والقمر والنجوم ونحو ذلك ومن جملة ذلك الملائكة فإنهم حفظة لبني ادم بأمر الله سبحانه ومن مخلوقات الأرض المسخرة لبني ادم الأحجار والتراب والزرع والشجر والثمر والحيوانات التي ينتفعون بها والشعب الذي يرعون فيه دوابهم وغير ذلك مما لا يحصى كثرة فالمراد بالتسخير جعل المسخر بحيث ينتفع به المسخر له سواء كان منقادا له وداخلا تحت تصرفه أم لا ) وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة ( أي أتم وأكمل عليكم نعمه يقال سبغت النعمة إذا تمت وكملت قرأ الجمهور ؟ أسبغ ؟ بالسين وقرأ ابن عباس ويحيى بن عمارة أصبغ بالصاد مكان السين والنعم جمع نعمة على قراءة نافع وأبي عمرو وحفص وقرأ الباقون نعمة بسكون العين على الإفراد والتنوين اسم جنس يراد به الجمع ويدل به على الكثرة كقوله ) وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ( وهي قراءة ابن عباس والمراد بالنعم الظاهرة ما يدرك بالعقل أو الحس ويعرفه من يتعرفه وبالباطنة مالا يدرك للناس ويخفى عليهم وقيل الظاهرة الصحة وكمال الخلق والباطنة المعرفة والعقل وقيل الظاهرة ما يرى بالأبصار من المال والجاه والجمال وفعل الطاعات والباطنة ما يجده المرء في نفسه من العلم بالله وحسن اليقين وما يدفعه الله عن البعد من الافات وقيل الظاهرة نعم الدنيا والباطنة نعم الاخرة وقيل الظاهرة الإسلام والجمال والباطنة ما ستره الله على العبد من الأعمال السيئة ) ومن الناس من يجادل في الله ( أي في شأن الله سبحانه في توحيده وصفاته مكابرة وعنادا بعد ظهور الحق له وقيام الحجة عليه ولهذا قال ) بغير علم ( من عقل ولا نقل ) ولا هدى ( يهتدي به إلى طريق الصواب ) ولا كتاب منير ( أنزله الله سبحانه بل مجرد تعنت ومحض عناد وقد تقدم تفسير هذه الاية في سورة البقرة
لقمان :( ٢١ ) وإذا قيل لهم.....
) وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله ( أي إذا قيل لهؤلاء المجادلين والجمع باعتبار معنى من اتبعوا ما أنزل الله على رسوله من الكتاب تمسكوا بمجرد التقليد البحت و ) قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا ( فنعبد ما كانوا يعبدونه من الأصنام ونمشى في الطريق التي كانوا يمشون بها في دينهم ثم قال على طريق الاستفهام للاستبعاد والتبكيت ) أولو كان الشيطان يدعوهم إلى عذاب السعير ( أي يدعو اباءهم الذين اقتدوا بهم في دينهم أي يتبعونهم في الشرك ولو كان الشيطان يدعوهم فيما هم عليه من الشرك ويجوز أن يراد أنه يدعو هؤلاء الأتباع إلى عذاب السعير لأنه زين لهم اتباع ابائهم والتدين


الصفحة التالية
Icon