"""""" صفحة رقم ٣١٤ """"""
سبأ :( ٨ ) أفترى على الله.....
ثم وبخهم سبحانه بما اجترء عليه من التكذيب مبينا لهم أن ذلك لم يصدر منهم إلا لعدم التفكر والتدبر في خلق السماء والأرض وأن من قدر على هذا الخلق العظيم لا يعجزه أن يبعث من مخلوقاته ما هو دون ذلك ويعيده إلى ما كان عليه من الذات والصفات ومعنى ) إلى ما بين أيديهم وما خلفهم ( أنهم إذا نظروا رأوا السماء خلفهم وقدامهم وكذلك إذا نظروا فى الأرض رأوها خلفهم وقدامهم فالسماء والأرض محيطتان بهم فهو القادر على أن ينزل بهم ما شاء من العذاب بسبب كفرهم وتكذيبهم لرسوله وإنكارهم للبعث فهذه الآية اشتملت على أمرين أحدهما أن هذا الخلق الذى خلقه الله من السماء والأرض يدل على كمال القدرة على ما هو دونه من البعث كما فى قوله ) أو ليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم ( والأمر الآخر التهديد لهم بأن من خلق السماء والأرض على هذه الهيئة التى قد أحاطت بجميع المخلوقات فيهما قادر على تعجيل العذاب لهم ) إن نشأ نخسف بهم الأرض ( كما خسف بقارون ) أو نسقط عليهم كسفا ( أى قطعا ) من السماء ( كما أسقطها على أصحاب الأيكة فكيف يأمنون ذلك قرأ الجمهور ) إن نشأ ( بنون العظمة وكذا نخسف ونسقط وقرأ حمزة والكسائى بالياء التحتية فى الأفعال الثلاثة أى أن يشأ الله وقرأ الكسائى وحده بإدغام الفاء فى الباء في ) نخسف بهم ( قال أبو على الفارسى وذلك غير جائز لأن الفاء من باطن الشفة السفلى وأطراف الثنايا العليا بخلاف الباء وقرأ الجمهور ) كسفا ( بسكون السين وقرأ حفص والسلمى بفتحها ) إن في ذلك ( المذكور من خلق السماء والأرض لآية واضحة ودلالة بينة ) لكل عبد منيب ( أى راجع إلى ربه بالتوبة والإخلاص وخص المنيب لأنه المنتفع بالتفكر
الآثار الواردة في تفسير الآيات
وقد أخرج ابن أبى حاتم عن السدى في قوله ) يعلم ما يلج في الأرض ( قال من المطر ) وما يخرج منها ( قال من النبات ) وما ينزل من السماء ( قال من الملائكة ) وما يعرج فيها ( قال الملائكة وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبى حاتم عن قتادة في قوله ) من رجز أليم ( قال الرجز هو العذاب الأليم الموجع وفى قوله ) ويرى الذين أوتوا العلم ( قال أصحاب محمد وأخرج ابن أبى حاتم عن الضحاك فى الآية قال يعنى المؤمنين من أهل الكتاب وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبى حاتم عن قتادة في قوله ) وقال الذين كفروا هل ندلكم على رجل ( قال قال ذلك مشركو قريش ) إذا مزقتم كل ممزق ( يقول إذا أكلتكم الأرض وصرتم رفاتا وعظاما وتقطعتكم السباع والطير ) إنكم لفي خلق جديد ( إنكم ستحيون وتبعثون قالوا ذلك تكذيبا به ) أفترى على الله كذبا أم به جنة ( قال قالوا إما أن يكون يكذب على الله وإما أن يكون مجنونا ) أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض ( قالوا إنك إن نظرت عن يمينك وعن شمالك ومن بين يديك ومن خلفك رأيت السماء والأرض ) إن نشأ نخسف بهم الأرض ( كما خسفنا بمن كان قبلهم ) أو نسقط عليهم كسفا من السماء ( أى قطعا من السماء إن يشأ أن يعذب بسمائه فعل وإن يشأ أن يعذب بأرضه فعل وكل خلقه له جند ) إن في ذلك لآية لكل عبد منيب ( قال نائب مقبل إلى الله
سورة سبأ ( ١٠ ١٤ )


الصفحة التالية
Icon