"""""" صفحة رقم ٣٦٩ """"""
لتنزيهه سبحانه عما وقع منهم من ترك الشكر لنعمه المذكورة والتعجب من إخلالهم بذلك وقد تقدم الكلام مستوفى فى معنى سبحان وهو فى تقدير الأمر للعباد بأن ينزهوه عما لا يليق به والأزواج الأنواع والأصناف لأن كل صنف مختلف الألوان والطعوم والأشكال و ) مما تنبت الأرض ( بيان للأزواج والمراد كل ما ينبت فيها من الأشياء المذكورة وغيرها ) ومن أنفسهم ( أى خلق الأزواج من أنفسهم وهم الذكور والإناث ) ومما لا يعلمون ( من أصناف خلقه فى البر والبحر والسماء والأرض
يس :( ٣٧ ) وآية لهم الليل.....
) وآية لهم الليل نسلخ منه النهار ( الكلام فى هذا كما قدمنا فى قوله ) وآية لهم الأرض الميتة أحييناها ( والمعنى أن ذلك علامة دالة على توحيد الله وقدرته ووجوب إلهيته والسلخ الكشط والنزع يقال سلخه الله من بدنه ثم يستعمل بمعنى الإخراج فجعل سبحانه ذهاب الضوء ومجىء الظلمة كالسلخ من الشىء وهو استعارة بليغة ) فإذا هم مظلمون ( أى داخلون فى الظلام مفاجأة وبغتة يقال أظلمنا أى دخلنا فى ظلام الليل وأظهرنا دخلنا فى وقت الظهر وكذلك أصبحنا وأمسينا وقيل منه بمعنى عنه والمعنى نسلخ عنه ضياء النهار قال الفراء يرمى بالنهار على الليل فيأتى بالظلمة وذلك أن الأصل هى الظلمة والنهار داخل عليه فإذا غربت الشمس سلخ النهار من الليل أى كشط وأزيل فتظهر الظلمة
يس :( ٣٨ ) والشمس تجري لمستقر.....
) والشمس تجري لمستقر لها ( يحتمل أن تكون الواو للعطف على الليل والتقدير وآيه لهم الشمس ويجوز أن تكون الواو ابتدائية والشمس مبتدأ وما بعدها الخبر ويكون الكلام مستأنفا مشتملا على ذكر آية مستقلة قيل وفى الكلام حذف والتقدير تجرى لمجرى مستقر لها فتكون اللام للعلة أى لأجل مستقر لها وقيل اللام بمعنى إلى وقد قرىء بذلك قيل والمراد بالمستقر يوم القيامة فعنده تستقر ولا يبقى لها حركة وقيل مستقرها هو أبعد ما تنتهى إليه ولا تجاوزه وقيل نهاية ارتفاعها فى الصيف ونهاية هبوطها فى الشتاء وقيل مستقرها تحت العرش لأنها تذهب إلى هنالك فتسجد فتستأذن فى الرجوع فيؤذن لها وهذا هو الراجح وقال الحسن إن للشمس فى السنة ثلثمائة وستين مطلعا تنزل فى كل يوم مطلعا ثم لا تنزل إلى الحول فهى تجرى فى تلك المنازل وهو مستقرها وقيل غير ذلك وقرأ ابن مسعود وابن عباس وعكرمة وزين العابدين وابنه الباقر والصادق بن الباقر ؟ لا مستقر لها ؟ بلا التى لنفى الجنس وبناء مستقر على الفتح وقرأ ابن أبى عبلة لا مستقر بلا التى بمعنى ليس ومستقر اسمها ولها خبرها والإشارة بقوله ) ذلك ( إلى جرى الشمس أى ذلك الجرى ) تقدير العزيز ( أي الغالب القاهر ) العليم ( أى المحيط علمه بكل شىء ويحتمل أن تكون الإشارة راجعة إلى المستقر أى ذلك المستقر تقدير الله
يس :( ٣٩ ) والقمر قدرناه منازل.....
) والقمر قدرناه منازل ( قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو برفع القمر على الابتداء وقرأ الباقون بالنصب على الاشتغال وانتصاب منازل على أنه مفعول ثان لأن قدرنا بمعنى صيرنا ويجوز أن يكون منتصبا على الحال أى قدرنا سيره حال كونه ذا منازل ويجوز أن يكون منتصبا على الظرفية أى فى منازل واختار أبو عبيد النصب فى القمر قال لأن قبله فعلا وهو نسلخ وبعده فعلا وهو قدرنا قال النحاس أهل العربية جميعا فيما علمت على خلاف ما قال منهم الفراء قال الرفع أعجب إلى قال وإنما كان الرفع عندهم أولى لأنه معطوف على ما قبله ومعناه وآية لهم القمر قال أبو حاتم الرفع أولى لأنك شغلت الفعل عنه بالضمير فرفعته بالابتداء والمنازل هى الثمانية والعشرون التى ينزل القمر فى كل ليلة في واحد منها وهى معروفة وسيأتى ذكرها فإذا صار القمر فى آخرها عاد إلى أولها فيقطع الفلك فى ثمان وعشرين ليلة ثم يستتر ليلتين ثم يطلع هلالا فيعود فى قطع المنازل من الفلك ) حتى عاد كالعرجون القديم ( قال الزجاج العرجون هو عود العذق الذى فيه الشماريخ وهو فعلون من الانعراج وهو الانعطاف


الصفحة التالية
Icon