"""""" صفحة رقم ٣٨٤ """"""
بالمعنى وقد تقرر أنه يجوز تذكير اسم الجنس وتأنيثه كما فى قوله نخل منقعر وقوله نخل خاوية فبنو تميم ونجد يذكرونه وأهل الحجاز يؤنثونه إلا نادرا والموصول بدل من الموصول الأول ) فإذا أنتم منه توقدون ( أى تقدحون منه النار وتوقدونها من ذلك الشجر الأخضر
يس :( ٨١ ) أو ليس الذي.....
ثم ذكر سبحانه ما هو أعظم خلقا من الإنسان فقال ) أو ليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم ( والهمزة لإنكار والواو للعطف على مقدر كنظائره ومعنى الآية أن من قدر على خلق السموات والأرض وهما فى غاية العظم وكبر الأجزاء يقدر على إعادة خلق البشر الذى هو صغير الشكل ضعيف القوة كما قال سبحانه ) لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس ( قرأ الجمهور بقادر بصيغة اسم الفاعل وقرأ الجحدرى وابن أبى إسحاق والأعرج وسلام بن المنذر وأبو يعقوب الحضرمى يقدر بصيغة الفعل المضارع ثم أجاب سبحانه عما أفاده الاستفهام من الإنكار التقريرى بقوله ) بلى وهو الخلاق العليم ( أى بلى هو قادر على ذلك وهو المبالغ فى الخلق والعلم على أكمل وجه وأتمه وقرأ الحسن والجحدرى ومالك بن دينار وهو الخالق
يس :( ٨٢ ) إنما أمره إذا.....
ثم ذكر سبحانه ما يدل على كمال قدرته وتيسر المبدأ والإعادة عليه فقال ) إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون ( أى إنما شأنه سبحانه إذا تعلقت إرادته بشىء من الأشياء أن يقول له أحدث فيحدث من غير توقف على شيء آخر أصلا وقد تقدم تفسير هذا فى سورة النحل وفى البقرة وقرأ الجمهور فيكون بالرفع على الاستئناف وقرأ الكسائى بالنصب عطفا على يقول
يس :( ٨٣ ) فسبحان الذي بيده.....
ثم نزه سبحانه نفسه عن أن يوصف بغير القدرة فقال ) فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء ( والملكوت فى كلام العرب لفظ مبالغة فى الملك كالجبروت والرحموت كأنه قال فسبحان الذى بيده مالكية الأشياء الكلية قال قتادة ملكوت كل شىء مفاتح كل شىء قرأ الجمهور ملكوت وقرأ الأعمش وطلحة بن مصرف وإبراهيم التيمى ملكة بزنة شجرة وقرىء مملكة بزنة مفعلة وقرىء ملك والملكوت أبلغ من الجميع وقرأ الجمهور ) وإليه ترجعون ( بالفوقية على الخطاب مبنيا للمفعول وقرأ السلمى وزر بن حبيش وأصحاب ابن مسعود بالتحتية على الغيبة مبنيا للمفعول أيضا وقرأ زيد بن على على البناء لفاعل أى ترجعون إليه لا إلى غيره وذلك فى الدار الآخرة بعد البعث
الآثار الواردة في تفسير الآيات وسبب النزول
وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبى حاتم فى معجمه والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقى فى البعث والضياء فى المختارة عن ابن عباس قال جاء العاص بن وائل إلى رسول الله ( ﷺ ) بعظم حائل ففته بيده فقال يا محمد أيحي الله هذا بعد ما أرى قال نعم يبعث الله هذا ثم يميتك ثم يحييك ثم يدخلك نار جهنم فنزلت الآيات من آخر يس ) أو لم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة ( إلى آخر السورة وأخرج ابن جرير وابن مردويه عنه قال جاء عبدالله بن أبي في يده عظم حائل إلى النبي ( ﷺ ) وذكر مثل ما تقدم قال ابن كثير وهذا منكر لأن السورة مكية وعبد الله بن أبى إنما كان بالمدينة وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال جاء أبى بن خلف الجمحي وذكر نحو ما تقدم وأخرج ابن مردويه عنه أيضا قال نزلت فى أبى جهل وذكر نحو ما تقدم