"""""" صفحة رقم ٤٢٤ """"""
ص :( ١٥ ) وما ينظر هؤلاء.....
) وما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة ( أى ما ينتظرون إلا صيحة وهى النفخة الكائنة عند قيام الساعة وقيل هى النفخة الثانية وعلى الأول المراد من عاصر نبينا ( ﷺ ) من الكفار وعلى الثانى المراد كفار الأمم المذكورة أى ليس بينهم وبين حلول ما أعد الله لهم من عذاب النار إلا أن ينفخ فى الصور النفخة الثانية وقيل المراد بالصيحة عذاب يفجؤهم فى الدنيا كما قال الشاعر صاح الزمان بآل برمك صيحة
خروا لشدتها على الأذقان
وجمة ) ما لها من فواق ( فى محل نصب صفة لصيحة قال الزجاج فواق وفواق بفتح الفاء وضمها أى ما لها من رجوع والفواق ما بين حلبتي الناقة وهو مشتق من الرجوع أيضا لأنه يعود اللبن إلى الضرع بين الحلبتين وأفاق من مرضه أى رجع إلى الصحة ولهذا قال مجاهد ومقاتل إن الفواق الرجوع وقال قتادة مالها من مثنوية وقال السدى مالها من إفاقة وقيل مالها من مرد قال الجوهرى مالها من نظرة وراحة وإفاقة ومعنى الآية أن تلك الصيحة هى ميعاد عذابهم فإذا جاءت لم ترجع ولا ترد عنهم ولا تصرف منهم ولا تتوقف مقدار فواق ناقة وهى ما بين حلبتى الحالب لها ومنه قول الأعشى حتى إذا فيقة فى ضرعها اجتمعت
جاءت لترضع شق النفس لو رضعا
والفيقة اسم اللبن الذى يجتمع بين الحلبتين وجمعها فيق وأفواق قرأ حمزة والكسائى ما لها من فواق بضم الفاء وقرأ الباقون بفتحها قال الفراء وأبو عبيدة الفواق بفتح الفاء الراحة أى لا يفيقون فيها كما يفيق المريض والمغشى عليه وبالضم الانتظار
ص :( ١٦ ) وقالوا ربنا عجل.....
) وقالوا ربنا عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب ( لما سمعوا ما توعدهم الله به من العذاب قالوا هذه المقالة استهزاء وسخرية والقط فى اللغة النصيب من القط وهو القطع وبهذا قال قتادة وسعيد بن جبير قال الفراء القط فى كلام العرب الحظ والنصيب ومنه قيل للصك قط قال أبو عبيدة والكسائى القط الكتاب بالجوائز والجمع القطوط ومنه قول الأعشى ولا الملك النعمان يوم لقيته
بغبطته يعطى القطوط ويأفق
ومعنى يأفق يصلح ومعنى الآية سؤالهم لربهم أن يعجل لهم نصيبهم وحظهم من العذاب وهو مثل قوله ) ويستعجلونك بالعذاب ( وقال السدى سألوا ربهم أن يمثل لهم منازلهم من الجنة ليعلموا حقيقة ما يوعدون به وقال إسماعيل بن أبى خالد المعنى عجل لنا أرزاقنا وبه قال سعيد بن جبير والسدى وقال أبو العالية والكلبى ومقاتل لما نزل ) فأما من أوتي كتابه بيمينه ( ) وأما من أوتي كتابه بشماله ( قالت قريش زعمت يا محمد أنا نؤتى كتابنا بشمالنا فعجل لنا قطنا قبل يوم الحساب
ص :( ١٧ ) اصبر على ما.....
ثم أمر الله سبحانه نبيه أن يصبر على ما يسمعه من أقوالهم فقال ) اصبر على ما يقولون ( من أقوالهم الباطلة التى هذا القول المحكى عنهم من جملتها وهذه الآية منسوخة بآية السيف ) واذكر عبدنا داود ذا الأيد ( لما فرغ من ذكر قرون الضلالة وأمم الكفر والتكذيب وأمر نبيه ( ﷺ ) بالصبر على ما يسمعه زاد فى تسليته وتأسيته بذكر قصة داود وما بعدها ومعنى ) واذكر عبدنا داود ( اذكر قصته فإنك تجد فيها ما تتسلى به والأيد القوة ومنه رجل أيد أى قوى وتأيد الشىء تقوى والمراد ما كان فيه عليه السلام من القوة على العبادة قال الزجاج وكانت قوة داود على العبادة أتم قوة ومن قوته ما أخبرنا به نبينا ( ﷺ ) أنه كان يصوم يوما يفطر يوما وكان يصلى نصف الليل وكان لا يفر إذا لاقى العدو وجملة ) إنه أواب ( تعليل لكونه ذا الأيد والأواب الرجاع عن كل ما يكرهه الله


الصفحة التالية
Icon