"""""" صفحة رقم ٤٢٦ """"""
جائز قال الخليل هو كما تقول نحن فعلنا كذا إذا كنتما اثنين وقال الكسائى جمع لما كان خبرا فلما انقضى الخبر وجاءت المخاطبة أخبر الاثنان عن أنفسهما فقالا خصمان وقوله ) بغى بعضنا على بعض ( هو على سبيل الفرض والتقدير وعلى سبيل التعريض لأن من المعلوم أن الملكين لا يبغيان ثم طلبا منه أن يحكم بينهما بالحق ونهياه عن الجور فقالا ) فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط ( أى لا تجر فى حكمك يقال شط الرجل وأشط شططا وإشطاطا إذا جار فى حكمه قال أبو عبيد شططت عليه وأشططت أى جرت وقال الأخفش معناه لا تسرف وقيل لا تفرط وقيل لا تمل والمعنى متقارب والأصل فيه البعد من شطت الدار إذا بعدت قال أبو عمرو الشطط مجاوزة القدر فى كل شىء ) واهدنا إلى سواء الصراط ( سواء الصراط وسطه والمعنى أرشدنا إلى الحق واحملنا عليه
ص :( ٢٣ ) إن هذا أخي.....
ثم لما أخبراه عن الخصومة إجمالا شرعا فى تفصيلهما وشرحها فقالا ) إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ( المراد بالأخوة هنا أخوة الدين أو الصحبة والنعجة هى الأنثى من الضأن وقد يقال لبقر الوحش نعجة ) ولي نعجة واحدة ( قال الواحدى النعجة البقرة الوحشية والعرب تكنى عن المرأة بها وتشبه النساء بالنعاج من البقر قرأ الجمهور ) تسع وتسعون ( بكسر التاء الفوقية وقرأ الحسن وزيد بن علي بفتحها قال النحاس وهى لغة شاذة وإنما عنى بهذا داود لأنه كان له تسع وتسعون امرأة وعنى بقوله ولى نعجة واحدة أوريا زوج المرأة التى أراد أن يتزوجها داود كما سيأتى بيان ذلك ) فقال أكفلنيها ( أى ضمها إلى وانزل لى عنها حتى أكفلها وأصير بعلا لها قال ابن كيسان اجعلها كفلى ونصيبى ) وعزني في الخطاب ( أى غلبنى يقال عزه يعزه عزا إذا غلبه وفى المثل من عزبز أى من غلب سلب والاسم العزة وهى القوة قال عطاء المعنى إن تكلم كان أفصح منى وقرأ ابن مسعود وعبيد بن عمير وعازنى فى الخطاب أي غالبنى من المعازة وهى المغالبة
ص :( ٢٤ ) قال لقد ظلمك.....
) قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه ( أى بسؤاله نعجتك ليضمها إلى نعاجه التسع والتسعين إن كان الأمر على ما تقول واللام هى الموطئة للقسم وهى وما بعدها جواب للقسم المقدر وجاء بالقسم فى كلامه مبالغة فى إنكار ما سمعه من طلب صاحب التسع والتسعين النعجة أن يضم إليه النعجة الواحدة التى مع صاحبه ولم يكن معه غيرها ويمكن أنه إنما قال بهذا بعد أن سمع الاعتراف من الآخر قال النحاس ويقال إن خطيئة داود هى قوله ) لقد ظلمك ( لأنه قال ذلك قبل أن يتثبت ) وإن كثيرا من الخلطاء ( وهم الشركاء واحدهم خليط وهو المخالط فى المال ) ليبغي بعضهم على بعض ( أى يتعدى بعضهم على بعض ويظلمه غير مراع لحقه ) إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات ( فإنهم يتحامون ذلك ولا يظلمون خليطا ولا غيره ) وقليل ما هم ( أي وقليل هم وما زائدة للتوكيد والتعجيب وقيل هى موصولة وهم مبتدأ وقليل خبره ) وظن داود أنما فتناه ( قال أبو عمرو والفراء ظن يعنى أيقن ومعنى فتناه ابتليناه والمعنى أنه عند أن تخاصما إليه وقال ما قال علم عند ذلك أنه المراد وأن مقصودهما التعريض به وبصاحبه الذى أراد أن ينزل له عن امرأته قال الواحدى قال المفسرون فلما قضى بينهما داود نظر أحدهما إلى صاحبه فضحك فعند ذلك علم داود بما أراده قرأ الجمهور فتناه بالتخفيف للتاء وتشديد النون وقرأ عمر بن الخطاب والحسن وأبو رجاء بالتشديد للتاء والنون وهى مبالغة فى الفتنة وقرأ الضحاك افتناه وقرأ قتادة وعبيد بن عمير وابن السميفع فتناه بتخفيفهما وإسناد الفعل إلى الملكين ورويت هذه القراءة عن أبى عمرو ) فاستغفر ربه ( لذنبه ) وخر راكعا ( أى ساجدا وعبر بالركوع عن السجود قال ابن العربى لا خلاف بين العلماء أن المراد بالركوع هنا السجود فإن السجود هو الميل والركوع هو الانحناء وأحدهما يدخل فى الآخر ولكنه قد يختص كل واحد منهما بهيئة ثم جاء فى هذا على