"""""" صفحة رقم ٤٣٠ """"""
وقال عكرمة والسدى فى الآية تقديم وتأخير والتقدير ولهم عذاب يوم الحساب بما نسوا أى تركوا القضاء بالعدل والأول أولى
ص :( ٢٧ ) وما خلقنا السماء.....
وجملة ) وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ( مستأنفة مقررة لما قبلها من أمر البعث والحساب أى ما خلقنا هذه الأشياء خلقا باطلا خارجا على الحكمة الباهرة بل خلقناها للدلالة على قدرتنا فانتصاب باطلا على المصدرية أو على الحالية أو على أنه مفعول لأجله والإشارة بقوله ) ذلك ( إلى المنفى قبله وهو مبتدأ وخبره ) ظن الذين كفروا ( أى مظنونهم فإنهم يظنون أن هذه الأشياء خلقت لا لغرض ويقولون إنه لا قيامة ولا بعث ولا حساب وذلك يستلزم أن يكون خلق هذه المخلوقات باطلا ) فويل للذين كفروا من النار ( والفاء لإفادة ترتب ثبوت الويل لهم على ظنهم الباطل أي فويل لهم بسبب النار المترتبة على ظنهم وكفرهم
ص :( ٢٨ ) أم نجعل الذين.....
ثم وبخهم وبكتهم فقال ) أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض ( قال مقاتل قال كفار قريش للمؤمنين إنا نعطى فى الآخرة كما تعطون فنزلت وأم هى المنقطعة المقدرة ببل والهمزة أى بل أنجعل الذين آمنوا بالله وصدقوا رسله وعملوا بفرائضة كالمفسدين فى الأرض بالمعاصى ثم أضرب سبحانه إضرابا آخر وانتقل عن الأول إلى ما هو أظهر استحالة منه فقال ) أم نجعل المتقين كالفجار ( أى بل تجعل أتقياء المؤمنين كأشقياء الكافرين والمنافقين والمنهمكين فى معاصى الله سبحانه من المسلمين وقيل إن الفجار هنا خاص بالكافرين وقيل المراد بالمتقين الصحابة ولا وجه للتخصيص بغير مخصص والاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب
ص :( ٢٩ ) كتاب أنزلناه إليك.....
) كتاب أنزلناه إليك مبارك ( ارتفاع كتاب على أنه خبر مبتدأ محذوف وأنزلناه إليك صفة له ومبارك خبر ثان للمبتدأ ولا يجوز أن يكون صفة أخرى لكتاب لما تقرر من أنه لا يجوز تأخير الوصف الصريح عن غير الصريح وقد جوزه بعض النحاة والتقدير القرآن كتاب أنزلناه إليك يا محمد كثير الخير والبركة وقرىء مباركا على الحال وقوله ) ليدبروا ( أصله ليتدبروا فأدغمت التاء فى الدال وهو متعلق بأنزلناه وفى الآية دليل على أن الله سبحانه إنما أنزل القرآن للتدبر والتفكر فى معانيه لا لمجرد التلاوة بدون تدبر قرأ الجمهور ) ليدبروا ( بالإدغام وقرأ أبو جعفر وشيبة لتدبروا بالتاء الفوقية على الخطاب ورويت هذه القراءة عن عاصم والكسائى وهى قراءة على رضى الله عنه والأصل لتتدبروا بتاءين فحذف إحداهما تخفيفا ) وليتذكر أولوا الألباب ( أي ليتعظ أهل العقول والألباب جمع لب وهو العقل
ص :( ٣٠ ) ووهبنا لداود سليمان.....
) ووهبنا لداود سليمان نعم العبد إنه أواب ( أخبر سبحانه بأن من جملة نعمه على داود أنه وهب له سليمان ولدا ثم مدح سليمان فقال ) نعم العبد ( والمخصوص بالمدح محذوف أي نعم العبد سليمان وقيل إن المدح هنا بقوله نعم العبد هو لداود والأول أولى وجملة ) إنه أواب ( تعليل لما قبلها من المدح والأواب الرجاع إلى الله بالتوبة كما تقدم بيانه
ص :( ٣١ ) إذ عرض عليه.....
والظرف فى قوله ) إذ عرض عليه ( متعلق بمحذوف وهو أذكر أي أذكر ما صدر عنه وقت عرض الصافنات الجياد عليه ) بالعشي ( وقيل هو متعلق بنعم وهو مع كونه غير متصرف لا وجه لتقييده بذلك الوقت وقيل متعلق بأواب ولا وجه لتقييد كونه أوابا بذلك الوقت والعشى من الظهر أو العصر إلى آخر النهار والصافنات جمع صافن
وقد اختلف أهل اللغة فى معناه فقال القتيبى والفراء الصافن فى كلام العرب الواقف من الخيل أو غيرها وبه قال قتادة ومنه الحديث من أحب أن يتمثل له الناس صفونا فليتبوأ مقعده من النار أى يديمون القيام له واستدلوا بقول النابغة لنا قبة مضروبة بفنائها
عتاق المهارى والجياد الصوافن


الصفحة التالية
Icon