"""""" صفحة رقم ٤٣٧ """"""
وكان أيوب يتعلق بها إذا أراد القيام فلهذا حلف ليضربنها وقيل جاءها إبليس فى صورة طبيب فدعته لمداواة أيوب فقال أداويه على أنه إذا برىء قال أنت شفيتنى لا أريد جزاء سواه قالت نعم فأشارت على أيوب بذلك فحلف ليضربنها
وقد اختلف العلماء هل هذا خاص بأيوب أو عام للناس كلهم وأن من حلف خرج من يمينه بمثل ذلك قال الشافعى إذا حلف ليضربن فلانا مائة جلدة أو ضربا ولم يقل ضربا شديدا ولم ينو بقلبه فيكفيه مثل هذا الضرب المذكور فى الآية حكاه ابن المنذر عنه وعن أبى ثور وأصحاب الرأى وقال عطاء هو خاص بأيوب ورواه ابن القاسم عن مالك ثم أثنى الله سبحانه على أيوب فقال ) إنا وجدناه صابرا ( أى على البلاء الذى ابتليناه به فإنه ابتلى بالداء العظيم فى جسده وذهاب ماله وأهله وولده فصبر ) نعم العبد ( أى أيوب ) إنه أواب ( أى رجاع إلى الله بالاستغفار والتوبة
ص :( ٤٥ ) واذكر عبادنا إبراهيم.....
) واذكر عبادنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب ( قرأ الجمهور عبادنا بالجمع وقرأ ابن عباس ومجاهد وحميد وابن محيصن وابن كثير عبدنا بالإفراد فعلى قراءة الجمهور يكون إبراهيم وإسحاق ويعقوب عطف بيان وعلى القراءة الأخرى يكون إبراهيم عطف بيان وما بعده عطف على عبدنا لا على إبراهيم وقد يقال لما كان المراد بعبدنا الجنس جاز إبدال الجماعة منه وقيل إن إبراهيم وما بعده بدل أو النصب بإضمار أعنى وعطف البيان أظهر وقراءة الجمهور أبين وقد اختارها أبو عبيد وأبو حاتم ) أولي الأيدي والأبصار ( الأيدى جمع اليد التى بمعنى القوة والقدرة قال قتادة أعطوا قوة فى العبادة ونصروا فى الدين قال الواحدى وبه قال مجاهد وسعيد بن جبير والمفسرون قال النحاس أما الأبصار فمتفق على أنها البصائر فى الدين والعلم وأما الأيدى فمختلف فى تأويلها فأهل التفسير يقولون إنها القوة فى الدين وقوم يقولون الأيدى جمع يد وهى النعمة أى هم أصحاب النعم أى الذين أنعم الله عز وجل عليهم وقيل هم أصحاب النعم على الناس والإحسان إليهم لأنهم قد أحسنوا وقدموا خيرا واختار هذا ابن جرير قرأ الجمهور ) أولي الأيدي ( بإثبات الياء فى الأيدى وقرأ ابن مسعود والأعمش والحسن وعيسى ) الأيد ( بغير ياء فقيل معناها معنى القراءة الأولى وإنما حذفت الياء لدلالة كسرة الدال عليها وقيل الأيد القوة
ص :( ٤٦ ) إنا أخلصناهم بخالصة.....
وجملة ) إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار ( تعليل لما وصفوا به قرأ الجمهور بخالصة بالتنوين وعدم الإضافة على أنها مصدر بمعنى الإخلاص فيكون ذكرى منصوبا به أو بمعنى الخلوص فيكون ذكرى مرفوعا به أو يكون خالصة اسم فاعل على بابه وذكرى بدل منها أو بيان لها أو بإضمار أعنى أو مرفوعة بإضمار مبتدأ والدار يجوز أن تكون مفعولا به لذكرى وأن تكون ظرفا إما على الاتساع أو على إسقاط الخافض وعلى كل تقدير فخالصة صفة لموصوف محذوف والباء للسببية أي بسبب خصلة خالصة وقرأ نافع وشيبة وأبو جعفر وهشام عن ابن عامر بإضافة خالصة إلى ذكرى على أن الإضافة للبيان لأن الخالصة تكون ذكرى وغير ذكرى أو على أن خالصة مصدر مضاف إلى مفعوله والفاعل محذوف أى بأن أخلصوا ذكرى الدار أو مصدر بمعنى الخلوص مضافا إلى فاعله قال مجاهد معنى الآية استصفيناهم بذكر الآخرة فأخلصناهم بذكرها وقال قتادة كانوا يدعون إلى الآخرة وإلى الله وقال السدى أخلصوا بخوف الآخرة قال الواحدى فمن قرأ بالتنوين فى خالصة كان المعنى جعلناهم لنا خالصين بأن خلصت لهم ذكرى الدار والخالصة مصدر بمعنى الخلوص والذكرى بمعنى التذكر أي خلص لهم تذكر الدار وهو أنهم يذكرون التأهب لها ويزهدون فى الدنيا وذلك من شأن الأنبياء وأما من أضاف فالمعنى أخلصنا لهم بأن خلصت لهم ذكرى الدار والخالصة مصدر مضاف إلى الفاعل والذكرى على هذا المعنى الذكر
ص :( ٤٧ ) وإنهم عندنا لمن.....
) وإنهم عندنا لمن المصطفين الأخيار (