"""""" صفحة رقم ٥٠٣ """"""
الأمم التى عصت الله وكذبت رسلها فإن الآثار الموجودة فى ديارهم تدل على ما نزل بهم من العقوبة وما صاروا إليه من سوء العاقبة ثم بين سبحانه أن تلك الأمم كانوا فوق هؤلاء فى الكثرة والقوة فقال ) كانوا أكثر منهم وأشد قوة ( أى أكثر منهم عددا وأقوى منهم أجسادا وأوسع منهم أموالا و أظهر منهم ) وآثارا في الأرض ( بالعمائر والمصانع والحرث ) فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون ( يجوز أن تكون ما الأولى استفهامية أى أى شىء أغنى عنهم أو نافية أى لم يغن عنهم وما الثانية يجوز أن تكون موصولة وأن تكون مصدرية
غافر :( ٨٣ ) فلما جاءتهم رسلهم.....
) فلما جاءتهم رسلهم بالبينات ( أى بالحجج الواضحات والمعجزات الظاهرات ) فرحوا بما عندهم من العلم ( أى أظهروا الفرح بما عندهم مما يدعون أنه من العلم من الشبه الداحضة والدعاوى الزائغة وسماه علما تهكما بهم أو على ما يعتقدونه وقال مجاهد قالوا نحن أعلم منهم لن نعذب ولن نبعث وقيل المراد من علم أحوال الدنيا لا الدين كما فى قوله ) يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا ( وقيل الذين فرحوا بما عندهم من العلم هم الرسل وذلك أنه لما كذبهم قومهم أعلمهم الله بأنه مهلك الكافرين ومنجى المؤمنين ففرحوا بذلك ) وحاق بهم ما كانوا به يستهزؤون ( أى أحاط بهم جزاء استهزائهم
غافر :( ٨٣ ) فلما جاءتهم رسلهم.....
) فلما رأوا بأسنا ( أى عاينوا عذابنا النازل بهم ) قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين ( وهى الأصنام التى كانوا يعبدونها
غافر :( ٨٥ ) فلم يك ينفعهم.....
) فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا ( أى عند معاينة عذابنا لأن ذلك الإيمان ليس بالإيمان النافع لصاحبه فإنه إنما ينفع الإيمان الاختيارى لا الإيمان الاضطرارى ) سنة الله التي قد خلت في عباده ( أى التى قد مضت فى عباده والمعنى أن الله سبحانه سن هذه السنة فى الأمم كلها أنه لا ينفعهم الإيمان إذا رأوا العذاب وقد مضى بيان هذا فى سورة النساء وسورة التوبة وانتصاب سنة على أنها مصدر مؤكد لفعل محذوف بمنزلة وعد الله وما أشبهه من المصادر المؤكدة وقيل هو منصوب على التحذير أى احذروا يا أهل مكة سنة الله فى الأمم الماضية والأول أولى ) وخسر هنالك الكافرون ( أى وقت رؤيتهم بأس الله ومعاينتهم لعذابه قال الزجاج الكافر خاسر فى كل وقت ولكنه يتبين لهم خسرانهم إذا رأوا العذاب
الآثار الواردة في تفسير الآيات
وقد أخرج أحمد والترمذى وحسنه والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقى فى البعث والنشور عن عبد الله بن عمرو قال تلا رسول الله ( ﷺ ) ) إذ الأغلال في أعناقهم ( إلى قوله ) يسجرون ( فقال لو أن رصاصة مثل هذه وأشار إلى جمجمة أرسلت من السماء إلى الأرض وهى مسيرة خمسمائة سنة لبلغت الأرض قبل الليل ولو أنها أرسلت من رأس السلسلة لسارت أربعين خريفا الليل والنهار قبل أن تبلغ أصلها أو قال قعرها وأخرج ابن أبى الدنيا فى صفة النار عن ابن عباس قا يسحبون فى الحميم فينسلخ كل شىء عليهم من جلد ولحم وعرق حتى يصير فى عقبه حتى إن لحمه قدر طوله وطوله ستون ذراعا ثم يكسى جلدا آخر ثم يسجر فى الحميم وأخرج الطبرانى فى الأوسط وابن مردويه عن على بن أبى طالب فى قوله ) ومنهم من لم نقصص عليك ( قال بعث الله عبدا حبشيا فهو ممن لم يقصص على محمد


الصفحة التالية
Icon