"""""" صفحة رقم ٥٠٨ """"""
كرها قيل ومعنى هذا الأمر لهما التسخير أى كونا فكانتا كما قال تعالى ) إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون ( فالكلام من باب التمثيل لتأثير قدرته واستحالة امتناعها ) قالتا أتينا طائعين ( أى أتينا أمرك منقادين وجمعهما جمع من يعقل لخطابهما بما يخاطب به العقلاء قال القرطبى قال أكثر أهل العلم إن الله سبحانه خلق فيهما الكلام فتكلمتا كما أراد سبحانه وقيل هو تمثيل لظهور الطاعة منهما وتأثير القدرة الربانية فيهما

فصلت :( ١٢ ) فقضاهن سبع سماوات.....


) فقضاهن سبع سماوات ( أى خلقهن وأحكمهن وفرغ منهن كما فى قول الشاعر وعليهما مسرودتان قضاهما
داود إذ صبغ السوابغ تبع
والضمير فى قضاهن إما راجع إلى السماء على المعنى لأنها سبع سموات أو مبهم مفسر بسبع سموات وانتصاب سبع سموات على التفسير أو على البدل من الضمير وقيل إن انتصابه على أنه المفعول الثانى لقضاهن لأنه مضمن معنى صبرهن وقيل على الحال أى قضاهن حال كونهن معدودات بسبع ويكون قضى بمعنى صنع وقيل على التمييز ومعنى ) في يومين ( كما سبق فى قوله ) خلق الأرض في يومين ( فالجملة ستة أيام كما فى قوله سبحانه ) خلق السماوات والأرض في ستة أيام ( وقد تقدم بيانه فى سورة الأعراف قال مجاهد ويوم من الستة الأيام كألف سنة مما تعدون قال عبد الله بن سلام خلق الأرض فى يوم الأحد ويوم الاثنين وقدر فيها أقواتها يوم الثلاثاء ويوم الأربعاء وخلق السموات فى يوم الخميس ويوم الجمعة وقوله ) وأوحى في كل سماء أمرها ( عطف على قضاهن قال قتادة والسدى أى خلق فيها شمسها وقمرها ونجومها وأفلاكها وما فيها من الملائكة والبحار والبرد والثلوج وقيل المعنى أوحى فيها ما أراده وما أمر به والإيحاء قد يكون بمعنى الأمر كما فى قوله ) بأن ربك أوحى ( وقوله ) وإذ أوحيت إلى الحواريين ( أى أمرتهم
وقد استشكل الجمع بين هذه الآية وبين قوله ) والأرض بعد ذلك دحاها ( فإن ما فى هذه الآية من قوله ) ثم استوى إلى السماء ( مشعر بأن خلقها متأخر عن خلق الأرض وظاهره يخالف قوله ) والأرض بعد ذلك دحاها ( فقيل إن ثم فى ) ثم استوى إلى السماء ( ليست للتراخى الزماني بل للتراخي الرتبى فيندفع الإشكال من أصله وعلى تقدير أنها للتراخى الزمانى فالجمع ممكن بأن الأرض خلقها متقدم على خلق السماء ودحوها بمعنى بسطها هو أمر زائد على مجرد خلقها فهى متقدمة خلقا متأخرة دحوا وهذا ظاهر ولعله يأتى عند تفسيرنا لقوله ) والأرض بعد ذلك دحاها ( زيادة إيضاح للمقام إن شاء الله ) وزينا السماء الدنيا بمصابيح ( أى بكواكب مضيئة متلألئة عليها كتلألؤ المصابيح و انتصاب ) حفظا ( على أنه مصدر مؤكد لفعل محذوف أى وحفظناها حفظا أو على أنه مفعول لأجله على تقدير وخلقنا المصابيح زينة وحفظا والأول أولى قال أبو حبان فى الوجه الثانى هو تكلف وعدول عن السهل البين والمراد بالحفظ حفظها من الشياطين الذين يسترقون السمع والإشارة بقوله ) ذلك ( إلى ما تقدم ذكره ) تقدير العزيز العليم ( أى البليغ القدرة الكثير العلم

فصلت :( ١٣ ) فإن أعرضوا فقل.....


) فإن أعرضوا ( عن التدبر والتفكر فى هذه المخلوقات ) فقل أنذرتكم ( أى فقل لهم يا محمد أنذرتكم خوفتكم ) صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود ( أى عذابا مثل عذابهم والمراد بالصاعقة العذاب المهلك من كل شىء قال المبرد الصاعقة المرة المهلكة لأى شىء كان قرأ الجمهور ) صاعقة ( فى الموضعين بالألف وقرأ ابن الزبير والنخعى والسلمى وبان محيصن صعقة في الموضعين وقد تقدم بيان معنى الصاعقة والصعقة في البقرة

فصلت :( ١٤ ) إذ جاءتهم الرسل.....


وقوله ) إذ جاءتهم الرسل ( ظرف لأنذرتكم أو لصاعقة لأنها بمعنى العذاب أى أنذرتكم العذاب الواقع وقت مجىء الرسل أو حال من صاعقة عاد وهذا أولى من الوجهين الأولين لأن الإنذار لم يقع وقت مجىء الرسل فلا يصح أن يكون ظرفا له وكذلك الصاعقة لا يصح


الصفحة التالية
Icon