"""""" صفحة رقم ٥١٦ """"""
أى لا تستوى الحسنة التى يرضى الله بها ويثيب عليها ولا السيئة التى يكرهها الله ويعاقب عليها ولا وجه لتخصيص الحسنة بنوع من أنواع الطاعات وتخصيص السيئة بنوع من أنواع المعاصى فإن اللفظ أوسع من ذلك وقيل الحسنة التوحيد والسيئة الشرك وقيل الحسنة المداراة والسيئة الغلظة وقيل الحسنة العفو والسيئة الانتصار وقيل الحسنة العلم والسيئة الفحش قال الفراء لا فى قوله ولا السيئة زائدة ) ادفع بالتي هي أحسن ( أى ادفع السيئة إذا جاءتك من المسىء بأحسن ما يمكن دفعها به من الحسنات ومنه مقابلة الإساءة الإحسان والذنب بالعفو والغضب بالصبر والإغضاء عن الهفوات والاحتمال للمكروهات وقال مجاهد وعطاء بالتى هى أحسن يعنى بالسلام إذا لقى من يعاديه وقيل بالمصافحة عند التلاقى ) فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم ( هذه هى الفائدة الحاصلة من الدفع بالتى هى أحسن والمعنى أنك إذا فعلت ذلك الدفع صار العدو كالصديق والبعيد عنك كالقريب منك وقال مقاتل نزلت فى أبى سفيان بن حرب كان معاديا للنبى لى الله عليه وآله وسلم فصار له وليا بالمصاهرة التى وقعت بينه وبينه ثم أسلم فصار وليا فى الإسلام حميما بالصهارة وقيل غير ذلك والأولى حمل الاية على العموم

فصلت :( ٣٥ ) وما يلقاها إلا.....


) وما يلقاها إلا الذين صبروا ( قال الزجاج ما يلقى هذه الفعلة وهذه الحالة وهى دفع السيئة بالحسنة إلا الذين صبروا على كظم الغيظ واحتمال المكروه ) وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم ( فى الثواب والخير وقال قتادة الحظ العظيم الجنة أى ما يلقاها إلا من وجبت له الجنة وقيل الضمير فى يلقاها عائد إلى الجنة وقيل راجع إلى كلمة التوحيد قرأ الجمهور ) يلقاها ( من التلقية وقرأ طلحة بن مصرف وابن كثير في رواية عنه يلاقاها من الملاقاة

فصلت :( ٣٦ ) وإما ينزغنك من.....


ثم أمره سبحانه بالإستعاذة من الشيطان فقال ) وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله ( النزغ شبيه النخس شبه به الوسوسة لأنها تبعث على الشر والمعنى وإن صرفك الشيطان عن شىء مما شرعه الله لك أو عن الدفع بالتى هى أحسن فاستعذ بالله من شره وجعل النزغ نازغا على المجاز المجاز العقلى كقولهم جد جده وجملة ) إنه هو السميع العليم ( تعليل لما قبلها أى السميع لكل ما يسمع والعليم بكل ما يعلم ومن كان كذلك فهو يعيذ من استعاذ به
الآثار الواردة في تفسير الآيات وسبب النزول
وقد أخرج ابن أبى حاتم عن ابن عباس قال كان رسول الله ( ﷺ ) وهو بمكة إذا قرأ القرآن يرفع صوته فكان المشركون يطردون الناس عنه ويقولون ) لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون ( وكان إذا أخفى قراءته لم يسمع من يحب أن يسمع القرآن فأنزل الله ) ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها ( وأخرج عبد الرزاق والفريابى وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبى حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه وابن عساكر عن على بن أبى طالب أنه سئل عن قوله ) ربنا أرنا الذين أضلانا من الجن والإنس ( قال هو ابن آدم الذى قتل أخاه وإبليس وأخرج الترمذى والنسائى والبزار وأبو يعلى وابن جرير وابن أبى حاتم وابن عدى وابن مردويه عن أنس قال قرأ علينا رسول الله ( ﷺ ) هذه الآية ) إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا ( قال قد قالها ناس من الناس ثم كفر أكثرهم فمن قالها حين يموت فهو ممن استقام عليها وأخرج ابن المبارك وعبد الرزاق والفريابى وسعيد بن منصور ومسدد وابن سعد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبى حاتم من طريق سعيد بن عمران عن أبى بكر الصديق فى قوله ) إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا ( قال الاستقامة أن لا يشركوا بالله شيئا وأخرج ابن راهويه وعبد بن حميد والحكيم الترمذى فى نوادر الأصول والحاكم وصححه وابن مردويه وأبو نعيم فى الحلية من طريق الأسود بن هلال عن أبى بكر الصديق أنه قال ما تقولون فى هاتين الآيتين ) إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا ( و ) الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم ( قالوا


الصفحة التالية
Icon