"""""" صفحة رقم ٥٥٢ """"""
ثم بعد الفلاح والملك والأم
ة وارتهم هناك قبور
الزخرف :( ٢٣ ) وكذلك ما أرسلنا.....
ثم أخبر سبحانه أن غير هؤلاء من الكفار قد سبقهم إلى هذه المقالة وقال بها فقال ) وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون ( مترفوها أغنياؤها ورؤساؤها قال قتادة مقتدون متبعون ومعنى الاهتداء والاقتداء متقارب وخصص المترفين تنبيها على أن التنعم هو سبب إهمال النظر
الزخرف :( ٢٤ ) قال أولو جئتكم.....
ثم أمر الله سبحانه رسوله صلى الله عليه واله وسلم أن يرد عليهم فقال ) قال أولو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم ( أي أتتبعون اباءكم ولو جئتكم بدين أهدى من دين ابائكم قال الزجاج المعنى قل لهم أتتبعون ما وجدتم عليه اباءكم وإن جئتكم بأهدى منه قرأ الجمهور ؟ قل أو لو جئتكم ؟ وقرأ ابن عامر وحفص قال أو لو جئتكم وهو حكاية لما جرى بين المنذرين وقومهم أي قال كل منذر من أولئك المنذرين لأمته وقيل إن كلا القراءتين حكاية لما جرى بين الأنبياء وقومهم كأنه قال لكل نبي قل بدليل قوله ) قالوا إنا بما أرسلتم به كافرون ( وهذا من أعظم الأدلة الدالة على بطلان التقليد وقبحه فإن هؤلاء المقلدة في الإسلام إنما يعملون بقول أسلافهم ويتبعون اثارهم ويفتدون بهم فإذا رام الداعي إلى الحق أن يخرجهم من ضلالة أو يدفعهم عن بدعة قد تمسكوا بها وورثوها عن أسلافهم بغير دليل نير ولا حجة واضحة بل بمجرد قال وقيل لشبهة داحضة وحجة زائفة ومقالة باطلة قالوا بماقاله المترفون من هذه الملل إنا وجدنا اباءنا على أمة وإنا على اثارهم مقتدون أو بما يلاقى معناه معنى ذلك فإن قال لهم الداعى إلى الحق قد جمعتنا الملة الإسلامية وشملنا هذا الدين المحمدي ولم يتعبدنا الله ولا تعبدكم وتعبد اباءكم من قبلكم إلا بكتابه الذي أنزله على رسوله وبما صح عن رسوله فإنه المبين لكتاب الله الموضح لمعانيه الفارق بين محكمه ومتشابهه فتعالوا نرد ما تنازعنا فيه إلى كتاب الله وسنة رسوله كما أمرنا الله بذلك في كتابه بقوله ) فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول ( فإن الرد إليهما أهدى لنا ولكم من الرد إلى ما قاله أسلافكم ودرج عليه اباؤكم نفروا نفور الوحوش ورموا الداعي لهم إلى ذلك بكل حجر ومدر كأنهم لم يسمعوا قول الله سبحانه إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا ولا قوله ) فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما ( شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما فإن قال لهم القائل هذا العالم الذي تقتدون به وتتبعون أقواله هو مثلكم في كونه متعبدا بكتاب الله وسنة رسوله مطلوبا منه ما هو مطلوب منكم وإذا عمل برأيه عند عدم وجدانه للدليل فذلك رخصة له لا يحل أن يتبعه غيره عليها ولا يجوز له العمل بها وقد وجدوا الدليل الذي لم يجده وها أنا أوجدكموه في كتاب الله أو فيما صح من سنة رسوله وذلك أهدى لكم مما وجدتم عليه اباءكم قالوا لا نعمل بهذا ولا سمع لك ولا طاعة ووجدوا في صدورهم أعظم الحرج من حكم الكتاب والسنة ولم يسلموا ذلك ولا أذعنوا له وقد وهب لهم الشيطان عصى يتوكئون عليها عند أن يسمعوا من يدعوهم إلى الكتاب والسنة وهي أنهم يقولون إن إمامنا الذي قلدناه واقتدينا به أعلم منك بكتاب الله وسنة رسوله وذلك لأن أذهانهم قد تصورت من يقتدون به تصورا عظيما بسبب تقدم العصر وكثرة الأتباع وما علموا أن هذا منقوض عليهم مدفوع به في وجوههم فإنه لو قيل لهم إن في التابعين من هو أعظم قدرا وأقدم عصرا من صاحبكم فإن كان لتقدم العصر وجلالة القدر مزية حتى توجب الاقتداء فتعالوا حتى أريكم من هو أقدم عصرا وأجل قدرا فإن أبيتم ذلك ففي الصحابة رضي الله عنهم من هو أعظم قدرا من صاحبكم علما وفضلا وجلالة قدر فإن أبيتم ذلك فها أنا أدلكم على من هو أعظم قدرا وأجل خطرا وأكثر أتباعا وأقدم عصرا وهو محمد بن عبد الله نبينا ونبيكم ورسول الله إلينا وإليكم