"""""" صفحة رقم ٥٥٦ """"""
الزخرف :( ٣٦ ) ومن يعش عن.....
قوله ) ومن يعش عن ذكر الرحمن ( يقال عشوت إلى النار قصدتها وعشوت عنها اعرضت عنها كما تقول عدلت إلى فلان وعدلت عنه وملت إليه وملت عنه كذا قال الفراء والزجاج وأبو الهيثم والأزهري فالمعنى ومن يعرض عن ذكر الرحمن قال الزجاج معنى الاية أن من أعرض عن القران وما فيه من الحكمة إلى أباطيل المضلين يعاقبه الله بشيطان يقيضه له حتى يضله ويلازمه قرينا له فلا يهتدي مجازاة له حين آثر الباطل على الحق البين وقال الخليل العشو النظر الضعيف ومنه لنعم الفتى تعشو إلى ضوء ناره
إذا الريح هبت والمكان جديب
والظاهر أن معنى البيت القصد إلى النار لا النظر إليها ببصر ضعيف كما قال الخليل فيكون دليلا على ما قدمنا من أنه يأتي بمعنى القصد وبمعنى الإعراض وهكذا ما أنشده الخليل مستشهدا به على ما قاله من قول الحطيئة متى تأته تعشو إلى ضوء ناره
تجد خير نار عندها خير موقد
فإن الظاهر أن معناه تقصد إلى ضوء ناره لا تنظر إليها ببصر ضعيف ويمكن أن يقال إن المعنى في البيتين المبالغة في ضوء النار وسطوعها بحيث لا ينظرها الناظر إلا كما ينظر من هو معشى البصر لما يلحق بصره من الضعف عند ما يشاهده من عظم وقودها وقال أبو عبيدة والأخفش إن معنى ) ومن يعش ( ومن تظلم عينه وهو نحو قول الخليل وهذا على قراءة الجمهور ومن يعش بضم الشين من عشا يعشو وقرأ ابن عباس وعكرمة ومن يعش بفتح الشين يقال عشى الرجل يعشى عشيا إذا عمى ومنه قول الأعشى رأت رجلا غايب الوافدين
ومختلف الخلق اعشى ضريرا
وقال الجوهري والعشا مقصور مصدر الأعشى وهو الذي لا يبصر بالليل ويبصر بالنهار والمرأة عشواء قرىء يعشو بالواو على أن من موصولة غير متضمنة معنى الشرط قرأ الجمهور نقيض له شيطانا بالنون وقرأ السلمي وابن أبي إسحاق ويعقوب وعصمة عن عاصم والأعمش بالتحتية مبنيا للفاعل وقرأ ابن عباس بالتحتية مبنيا للمفعول ورفع شيطان على النيابة ) فهو له قرين ( أي ملازم له لا يفارقه أو هو ملازم للشيطان لا يفارقه بل يتبعه في جميع أموره ويطيعه في كل ما يوسوس به إليه
الزخرف :( ٣٧ ) وإنهم ليصدونهم عن.....
) وإنهم ليصدونهم عن السبيل ( أي وإن الشياطين الذين يقيضهم الله لكل أحد ممن يعشو عن ذكر الرحمن كما هو معنى من ليصدونهم أي يحولون بينهم وبين سبيل الحق ويمنعونهم منه ويوسوسون لهم أنهم على الهدى حتى يظنون صدق ما يوسوسون به وهو معنى قوله ويحسبون أنهم مهتدون أي يحسب الكفار أن الشياطين مهتدون فيطيعونهم أو يحسب الكفار بسبب تلك الوسوسة أنهم في أنفسهم مهتدون
الزخرف :( ٣٨ ) حتى إذا جاءنا.....
) حتى إذا جاءنا ( قرأ الجمهور بالتثنية أي الكافر والشيطان المقارن له وقرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي وحفص بالإفراد أي الكافر أو جاء كل واحد منها قال الكافر مخاطبا للشيطان يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين أي بعد ما بين المشرق والمغرب فغلب المشرق على المغرب قال مقاتل يتمنى الكافر أن بينهما بعد مشرق أطول يوم في السنة من مشرق أقصر يوم في السنة والأول أولى وبه قال الفراء ) فبئس القرين ( المخصوص بالذم محذوف أي أنت أيها الشيطان
الزخرف :( ٣٩ ) ولن ينفعكم اليوم.....
) ولن ينفعكم اليوم ( هذا حكاية لما سيقال لهم يوم القيامه ) إذ ظلمتم (