"""""" صفحة رقم ٦٨ """"""
الفرقان :( ١٩ ) فقد كذبوكم بما.....
) فقد كذبوكم بما تقولون ( في الكلام حذف والتقدير فقال الله عند تبرى المعبودين مخاطبا للمشركين العابدين لغير الله فقد كذبوكم أى فقد كذبكم المعبودون بما تقولون أى فى قولكم إنهم آلهة ) فما تستطيعون ( أى الآلهة صرفا أي دفعا للعذاب عنكم بوجه من الوجوه وقيل حيلة ولا نصرا أى ولا يستطيعون نصركم وقيل المعنى فما يستطيع هؤلاء الكفار لما كذبهم المعبودون صرفا للعذاب الذى عذبهم الله به ولا نصرا من الله وهذا الوجه مستقيم على قراءة من قرأ تستطيعون بالفوقية وهى قراءة حفص وقرأ الباقون بالتحتية وقال ابن زيد المعنى فقد كذبوكم أيها المؤمنون هؤلاء الكفار بما جاء به محمد ( ﷺ ) وعلى هذا فمعنى بما تقولون ما تقولونه من الحق وقال أبو عبيد المعنى فما يستطيعون لكم صرفا عن الحق الذى هداكم الله إليه ولا نصرا لأنفسهم بما ينزل بهم من العذاب بتكذيبهم إياكم وقرأ الجمهور بما تقولون بالتاء الفوقية على الخطاب وحكى الفراء أنه يجوز أن يقرأ فقد كذبوكم مخففا بما يقولون أى كذبوكم فى قولهم وكذا قرأ بالياء التحتية مجاهد والبزى ) ومن يظلم منكم نذقه عذابا كبيرا ( هذا وعيد لكل ظالم ويدخل تحته الذين فيهم السياق دخولا أوليا والعذاب الكبير عذاب النار وقريء يذقه بالتحتية وهذه الاية وأمثالها مقيدة بعدم التوبة
الفرقان :( ٢٠ ) وما أرسلنا قبلك.....
ثم رجع سبحانه إلى خطاب رسوله موضحا لبطلان ما تقدم من قوله يأكل الطعام ويمشى في الأسواق فقال ) وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق ( قال الزجاج الجملة الواقعة بعد إلا صفة لموصوف محذوف والمعنى وما أرسلنا قبلك أحد من المرسلين إلا آكلين وماشين وإنما حذف الموصوف لأن في قوله من المرسلين دليلا عليه نظيره ) وما منا إلا له مقام معلوم ( أى وما منا أحد وقال الفراء لا محل لها من الإعراب وإنما هى صلة لموصول محذوف هو المفعول والتقدير إلا من أنهم فالضمير فى أنهم وما بعده راجع إلى من المقدرة ومثله قوله تعالى ) وإن منكم إلا واردها ( أى إلا من يردها وبه قرأ الكسائى قال الزجاج هذا خطأ لأن من الموصولة لايجوز حذفها وقال ابن الأنبارى إنها في محل نصب على الحال والتقدير إلا وأنهم فالمحذوف عنده الواو قرأ الجمهور إلا إنهم بكسر إن لوجود اللام في خبرها كما تقرر في علم النحو وهو مجمع عليه عندهم قال النحاس إلا أن علي بن سليمان الأخفش حكى لنا عن محمد بن يزيد المبرد أنه قال يجوز في إن هذه الفتح وإن كان بعدها اللام وأحسبه وهما وقرأ الجمهور يمشون بفتح الياء وسكون الميم وتخفيف الشين وقرأ علي وابن عوف وابن مسعود بضم الياء وفتح الميم وضم الشين المشددة وهى بمعنى القراءة الأولى قال الشاعر أمشى بأعطان المياه وأتقى
قلائص منها صعبة وركوب
وقال كعب بن زهير منه تظل سباع الحى ضامزة
ولا تمشى بواديه الأراجيل
) وجعلنا بعضكم لبعض فتنة ( هذا الخطاب عام للناس وقد جعل سبحانه بعض عبيدة فتنة لبعض فالصحيح فتنة للمريض والغنى فتنة للفقير وقيل المراد بالبعض الأول كفار الأمم وبالبعض الثانى الرسل ومعنى الفتنة الابتلاء والمحنة والأول أولى فإن البعض من الناس ممتحن بالبعض مبتلى به فالمريض يقول لم لم أجعل كالصحيح وكذا كل صاحب آفة والصحيح مبتلى بالمريض فلا يضجر منه ولا يحقره والغنى مبتلى بالفقير يواسيه والفقير مبتلى بالغنى يحسده ونحو هذا مثله وقيل المراد بالآية أنه كان إذا أراد الشريف أن يسلم ورأى الوضيع قد أسلم قبله أنف وقال لا أسلم بعده فيكون له على السابقة والفضل فيقيم على كفره فذلك افتتان


الصفحة التالية
Icon