"""""" صفحة رقم ٧٧ """"""
إلى ما تقدم ذكره من الأمم وقد يذكر الذاكر أشياء مختلفة ثم يشير إليها بذلك
الفرقان :( ٣٩ ) وكلا ضربنا له.....
) وكلا ضربنا له الأمثال ( قال الزجاج أى وأنذرنا كلا ضربنا لهم الأمثال وبينا لهم الحجة ولم نضرب لهم الأمثال الباطلة كما يفعله هؤلاء الكفرة فجعله منصوبا بعقل مضمر يفسره ما بعده لأن حذرنا وذكرنا وأنذرنا فى معنى ضربنا ويجوز أن يكون معطوفا على ما قبله والتنوين عوض عن المضاف إليه المحذوف وهو الأمم أى كل الأمم ضربنا لهم الأمثال و أما كلا الأخرى فهى منصوبة بالفعل الذى بعدها والتتبير الإهلاك بالعذاب قال الزجاج كل شىء كسرته وفتته فقد تبرته وقال غير واضحة والأخفش معنى ) تبرنا تتبيرا ( أدمرنا تدميرا أبدلت التاء والباء من الدال والميم
الفرقان :( ٤٠ ) ولقد أتوا على.....
) ولقد أتوا على القرية التي أمطرت مطر السوء ( هذه جملة مستأنفة مبينة بمشاهدتهم لآثار هلاك بعض الأمم والمعنى ولقد أتوا أى مشركوا مكة على قرية قوم لوط التى أمطرت مطر السوء وهو الحجارة أى هلكت بالحجارة التى أمطروا بها وانتصاب مطر على المصدرية أو على أنه مفعول ثان إذ المعنى أعطيتها وأوليتها مطر السوء أو على أنه نعت مصدر محذوف أي إمطار مثل مطر السوء وقرأ أبو السمأل السوء بضم السين وقد تقدم تفسير السوء فى براءة ) أفلم يكونوا يرونها ( الاستفهام للتقريع والتوبيخ أى يرون القرية المذكورة عند سفرهم إلى الشام للتجارة فإنهم يمرون بها والفاء للعطف على مقدر أى لم يكونوا ينظرون إليها فلم يكونوا يرونها ) بل كانوا لا يرجون نشورا ( أضرب سبحانه عما سبق من عدم رؤيتهم لتلك الآثار إلى عدم رجاء البعث منهم المستلزم لعدم رجائهم للجزاء ويجوز أن يكون معنى يرجون يخافون
الفرقان :( ٤١ ) وإذا رأوك إن.....
) وإذا رأوك إن يتخذونك إلا هزوا ( أي ما يتخذونك إلا هزوءا أى مهزوءا بك قصر معاملتهم له على اتخاذهم إياه هزوا فجواب إذا هو إن يتخذونك وقيل الجواب محذوف وهو قالوا أهذا الذى وعلى هذا فتكون جملة ) إن يتخذونك إلا هزوا ( معترضة والأول أولى وتكون جملة ) أهذا الذي بعث الله رسولا ( فى محل نصب على الحال بتقدير القول أى قائلين أهذا الخ وفى اسم الإشارة دلالة على استحقارهم له وتهكمهم به والعائد محذوف أى بعثه الله وانتصاب رسولا على الحال أى مرسلا واسم الإشارة مبتدأ وخبره الموصول وصلته
الفرقان :( ٤٢ ) إن كاد ليضلنا.....
) إن كاد ليضلنا عن آلهتنا ( أى قالوا إن كاد هذا الرسول ليضلنا ليصرفنا عن آلهتنا فنترك عبادتها وإن هنا هى المخففة وضمير الشأن محذوف أى إنه كاد أن يصرفنا عنها ) لولا أن صبرنا عليها ( أى حبسنا أنفسنا على عبادتها ثم إنه سبحانه أجاب عليهم فقال ) وسوف يعلمون حين يرون العذاب من أضل سبيلا ( أى حين يرون عذاب يوم القيامة الذى يستحقونه ويستوجبونه بسبب كفرهم من هو أضل سبيلا أى أبعد طريقا عن الحق والهدى أهم أم المؤمنون
الفرقان :( ٤٣ ) أرأيت من اتخذ.....
ثم بين لهم سبحانه أنه لاتمسك فيما ذهبوا إليه سوى التقليد واتباع الهوى فقال معجبا لرسول الله ( ﷺ ) ) أرأيت من اتخذ إلهه هواه ( قدم المفعول الثانى للعناية كما تقول علمت منطلقا زيدا أى أطاع هواه طاعة كطاعة الإله أى انظر إليه يا محمد وتعجب منه قال الحسن معنى الآية لايهوى شيئا إلا اتبعه ) أفأنت تكون عليه وكيلا ( الاستفهام للإنكار والاستبعاد أى أفأنت تكون عليه حفيظا وكفيلا حتى ترده إلى الإيمان وتخرجه من الكفر ولست تقدر على ذلك ولا تطيقه فليست الهداية والضلالة موكولتين إلى مشيئتك وإنما عليك البلاغ وقد قيل إن هذه الاية منسوخة بآية القتال
الفرقان :( ٤٤ ) أم تحسب أن.....
ثم انتقل سبحانه من الإنكار الأول إلى إنكار آخر فقال ) أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون ( أى أتحسب أن أكثرهم يسمعون ماتتلو عليهم من آيات القرآن ومن المواعظ أو يعقلون معانى ذلك ويفهمونه حتى تعتنى بشأنهم وتطمع فى إيمانهم وليسوا كذلك بل هم بمنزلة من لايسمع ولا يعقل ثم بين سبحانه حالهم وقطع مادة الطمع فيهم فقال ) إن هم إلا كالأنعام (


الصفحة التالية
Icon