"""""" صفحة رقم ٨٠ """"""
من جهة أنه يزيد بها وينقص ويمتد ويتقلص
الفرقان :( ٤٦ ) ثم قبضناه إلينا.....
وقوله ) ثم قبضناه ( معطوف أيضا على مد داخل فى حكمه والمعنى ثم قبضنا ذلك الظل الممدود ومحوناه عند إيقاع شعاع الشمس موقعه بالتدريج حتى انتهى الإظلال إلى العدم والاضمحلال وقيل المراد فى الآية قبضه عند قيام الساعة بقبض أسبابه وهى الأجرام النيرة والأول أولى والمعنى أن الظل يبقى فى هذا الجو من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس فإذا طلعت الشمس صار الظل مقبوضا وخلفه فى هذا الجو شعاع الشمس فأشرقت على الأرض وعلى الأشياء إلى وقت غروبها فإذا غربت فليس هنالك ظل إنما فيه بقية نور النهار وقال قوم قبضه بغروب الشمس لأنها إذا لم تغرب فالظل فيه بقية وإنما يتم زواله بمجىء الليل ودخول الظلمة عليه وقيل المعنى ثم قبضنا ضياء الشمس بالفىء ) قبضا يسيرا ( ومعنى إلينا أن مرجعه إليه سبحانه كما أن حدوثه منه قبضا يسيرا أي على تدريج قليلا قليلا بقدر ارتفاع الشمس وقيل يسيرا سريعا وقيل المعنى يسيرا علينا أى يسيرا قبضه علينا ليس بعسير
الفرقان :( ٤٧ ) وهو الذي جعل.....
) وهو الذي جعل لكم الليل لباسا ( شبه سبحانه ما يستر من ظلام الليل باللباس الساتر قال ابن جرير وصف الليل باللباس تشبيها من حيث أنه يستر الأشياء ويغشاها واللام متعلقة بجعل ) والنوم سباتا ( أى وجعل النوم سباتا أى راحة لكم لأنكم تنقطعون عن الاشتغال وأصل السبات التمدد يقال سبتت المرأة شعرها أى نقضته وأرسلته ورجل مسبوت أى ممدود الخلقة وقيل للنوم ثبات لأنه بالتمدد يكون وفى التمدد معنى الراحة وقيل السبت القطع فالنوم انقطاع عن الاشتغال ومنه سبت اليهود لانقطاعهم عن الاشتغال قال الزجاج السبات النوم وهو أن ينقطع عن الحركة والروح فى بدنه أى جعلنا نومكم راحة لكم وقال الخليل السبات نوم ثقيل أى جعلنا نومكم ثقيلا ليكمل الإجمام والراحة ) وجعل النهار نشورا ( أى زمان بعث من ذلك السبات شبه اليقظة بالحياة كما شبه النوم بالسبات الشبية بالممات وقال فى الكشاف إن السبات الموت واستدل على ذلك بكون النشور فى مقابلته
الفرقان :( ٤٨ ) وهو الذي أرسل.....
) وهو الذي أرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته ( قرئ الريح وقريء بشرا بالباء الموحدة وبالنون وقد تقدم تفسير هذه الآية مستوفى فى الأعراف ) وأنزلنا من السماء ماء طهورا ( أى يتطهر به كما يقال وضوء للماء الذى يتوضأ به قال الأزهرى الطهور في اللغة الطاهر المطهر والطهور ما يتطهر به قال ابن الأنبارى الطهور بفتح الطاء الاسم وكذلك الوضوء والوقود وبالضم المصدر هذا هو المعروف فى اللغة وقد ذهب الجمهور إلى أن الطهور هو الطاهر المطهر ويؤيد ذلك كونه بناء مبالغة وروي عن أبى حنيفة أنه قال الطهور هو الطاهر واستدل لذلك بقوله تعالى ) وسقاهم ربهم شرابا طهورا ( يعنى طاهرا ومنه قول الشاعر خليلى هل فى نظرة بعد توبة
أدواى بها قلبى علي فجور
إلى رجح الأكفان غيد من الظبى
عذاب الثنايا ريقهن طهور
فوصف الريق بأنه طهور وليس بمطهر ورجح القول الأول ثعلب وهو راجح لما تقدم من حكاية الأزهرى لذلك عن أهل اللغة وأما وصف الشاعر للريق بأنه طهور فهو على طريق المبالغة وعلى كل حال فقد ورد الشرع بأن الماء طاهر فى نفسه مطهر لغيره قال الله تعالى ) وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ( وقال النبى ( ﷺ ) خلق الماء طهورا
الفرقان :( ٤٩ ) لنحيي به بلدة.....
ثم ذكر سبحانه علة الإنزال فقال ) لنحيي به ( أى بالماء المنزل من السماء ) بلدة ميتا ( وصف البلدة بميتا وهى صفة للمذكر لأنها بمعنى البلد وقال الزجاج أراد بالبلد المكان والمراد بالإحياء هنا إخراج النبات من المكان الذى لانبات فيه ) ونسقيه مما خلقنا أنعاما وأناسي كثيرا ( أى نسقى ذلك الماء قرأ أبو عمرو وعاصم فى رواية عنهما وأبو حيان وابن أبى عبلة بفتح النون من نسقيه وقرأ الباقون بضمها ومن فى مما خلقنا للابتداء وهي متعلقة بنسقيه ويجوز أن تتعلق بمحذوف على أنه حال


الصفحة التالية
Icon