"""""" صفحة رقم ١٤٩ """"""
هم ثلة والثلة الجماعة التي لا يحصر عددها قال الزجاج معنى ثلة معنى فرقة من ثللت الشيء إذا قطعته والمراد بالأولين هم الأمم السابقة من لدن آدم إلى نبينا ( ﷺ )
الواقعة :( ١٤ ) وقليل من الآخرين
( وقليل من الآخرين ) أي من هذه الأمة وسموا قليلا بالنسبة إلى من كان قبلهم وهم كثيرون لكثرة الأنبياء فيهم وكثرة من إجابهم قال الحسن سابقوا من مضى أكثر من سابقينا قال الزجاج الذين عاينوا جميع الأنبياء وصدقوا بهم أكثر ممن عاين النبي صلى الله عليه وإله وسلم ولا يخالف هذا ما ثبت في الصحيح من قوله صلى الله عليه وإله وسلم أني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة ثم قال ثلث أهل الجنة ثم قال نصف أهل الجنة لأن قوله ثلة من الأولين وقليل من الآخرين إنما هو تفصيل للسابقين فقط كما سيأتي في ذكر أصحاب اليمين أنهم ثلة من الأولين وثلة من الأخرين فلا يمتنع أن يكون في أصحاب اليمين من هذه الأمة من هو أكثر من أصحاب اليمين من غيرهم فيجتمع من قليل سابقي هذه الأمة ومن ثلة أصحاب اليمين منها من يكون نصف أهل الجنة والمقابلة بين الثلتين في أصحاب اليمين لا تستلزم استواءهما لجواز أن يقال هذه الثلة أكثر من هذه الثلة كما يقال هذه الجماعة أكثر من هذه الجماعة وهذه الفرقة أكثر من هذه الفرقة وهذه القطعة أكثر من هذه القطعة وبهدا تعرف أنه لم يصب من قال إن هذه الآية منسوخة بالحديث المذكور
الواقعة :( ١٥ ) على سرر موضونة
ثم ذكر سبحانه حالة أخرى للسابقين المقربين فقال ( على سرر موضونة ) قرأ الجمهور سرر بضم السين والراء الأولى وقرأ أبو السماك وزيد بن علي بفتح الراء وهي لغة كما تقدم والموضونة المنسوخة والوضن النسخ المضاعف قال الواحدي قال المفسرون منسوخة بقضبان الذهب وقيل مشبكة بالدر والياقوت والزبرجد وقيل إن الموضونة المصفوفة وقال مجاهد الموضونة المرمولة بالذهب
الواقعة :( ١٦ ) متكئين عليها متقابلين
وانتصاب ( متكئين عليها ) على الحال وكذا انتصاب ( متقابلين ) والمعنى مستقرين على سرر متكئين عليها متقابلين لاينظر بعضهم قفا بعض
الواقعة :( ١٧ ) يطوف عليهم ولدان.....
( يطوف عليهم ولدان مخلدون ) الجملة في محل نصب على الحال من المقربين أو مستأنفة لبيان بعض ما أعد الله لهم من النعيم والمعنى يدور حولهم للخدمة غلمان لا يهرمون ولا يتغيرون بل شكلهم شكل الولدان دائما قال مجاهد المعنى لا يموتون وقال الحسن والكلبي لا يهرمون ولا يتغيرون قال الفراء والعرب تقول للرجل إذا كبر ولم يشمط للرجل إنه لمخلد وقال سعيد بن جبير مخلدون مقرطون قال الفراء ويقال مخلدون مقرطون يقال خلد جاريته إذا حلاها بالخلدة وهي القرطة وقال عكرمة مخلدون منعمون ومنه قول امرئ القيس وهل ينعمن إلاسعيد مخلد
قليل الهموم ما يبيت بأوجال
وقيل مستورون بالحلية وروى نحوه عن الفراء ومنه قول الشاعر ومخلدات باللجين كأنما أعجازهن أقاوز الكثبان
وقيل مخلدون ممنطقون قيل وهم ولدان المسلمين الذين يموتون صغارا ولا حسنة لهم ولا سيئة وقيل هم أطفال المشركين ولا يبعد أن يكونوا مخلوقين في الجنة للقيام بهذه الخدمة
الواقعة :( ١٨ ) بأكواب وأباريق وكأس.....
والأكواب هي الأقداح المستديرة الأفواه التي لا آذان لها ولا عرى وقد مضى بيان معناها في سورة الزخرف والأباريق هي ذات العرى والخراطيم واحدها إبريق وهو الذي يبرق لونه من صفائه ( وكأس من معين ) أي من خمر جارية أو من ماء جار والمراد به ها هنا الخمر الجارية من العيون وقد تقدم بيان معنى الكأس في سورة الصافات
الواقعة :( ١٩ ) لا يصدعون عنها.....
( لا يصدعون عنها ) أي لا تتصدع رؤوسهم من شربها كما تتصدع من شرب خمر الدنيا والصداع هو الداء المعروف الذي يلحق الإنسان