"""""" صفحة رقم ١٧٣ """"""
وبين أنبيائهم قرأ الجمهور الأمد بتخفيف الدال وقرأ بن كثير في رواية عنه بتشديدها أي الزمن الطويل وقيل المراد بالأمد على القراءة الأولى الأجل والغاية يقال أمد فلان كذا أي غايته ( فقست قلوبهم ) بذلك السبب فلذلك حرفوا وبدلوا فنهى الله سبحانه أمة محمد ( ﷺ ) أن يكونوا مثلهم ( وكثير منهم فاسقون ) أي خارجون عن طاعة الله لأنهم تركوا العمل بما أنزل إليهم وحرفوا وبدلوا ولم يؤمنوا بما نزل على محمد ( ﷺ ) وقيل هم الذين تركوا الإيمان بعيسى ومحمد ( ﷺ ) وقيل هم الذين ابتدعوا الرهبانية وهم أصحاب الصوامع
الحديد :( ١٧ ) اعلموا أن الله.....
( اعلموا أن الله يحيى الأرض بعد موتها ) فهو قادر على أن يبعث الأجسام بعد موتها ويلين القلوب بعد قسوتها ( قد بينا لكم الآيات ) التي من جملتها هذه الآيات ( لعلكم تعقلون ) أي كي تعقلوا ما تضمنته من المواعظ وتعملوا بموجب ذلك
الحديد :( ١٨ ) إن المصدقين والمصدقات.....
( إن المصدقين والمصدقات ) قرأ الجمهور بتشديد الصاد في الموضعين من الصدقة وأصله المتصدقين المتصدقات فأدغمت الياء في الصاد وقرأ أبي المتصدقين والمتصدقات بإثبات التاء على الأصل وقرأ ابن كثير بتخفيف الصاد من التصديق أي صدقوا رسول الله ( ﷺ ) فيما جاء به ( وأقرضوا الله قرضا حسنا ) معطوف على اسم الفاعل في المصدقين لأنه لما وقع صله للألف واللام الموصولة حل محل الفعل فكأنه قال إن الذين تصدقوا وأقرضوا كذا قال أبو على الفارسي وغيره وقيل جملة وأقرضوا معترضة بين اسم إن وخبرها وهو يضاعف وقيل هي صلة لموصول محذوف أي والذين أقرضوا والقرض الحسن عبارة عن التصدق والإنفاق في سبيل الله مع خلوص نية وصحة قصد واحتساب أجر قرأ الجمهور ( يضاعف لهم ) بفتح العين على البناء للمفعول والقائم مقام الفاعل إما الجار والمجرور أو ضمير يرجع إلى المصدقين على حذف مضاف أي ثوابهم وقرأ الأعمش يضاعفه بكسر العين وزيادة الهاء وقرأ ابن كثير وابن عامر ويعقوب يضعف بتشديد العين وفتحها ( ولهم أجر كريم ) وهو الجنة والمضاعفة هنا أن الحسنة بعشرة أمثالها إلى سبعمائة ضعف
الحديد :( ١٩ ) والذين آمنوا بالله.....
( والذين آمنوا بالله ورسله ) جميعا والإشارة بقوله ( أولئك ) إلى الموصول وخبره قوله ( هم الصديقون والشهداء ) والجملة خبر الموصول قال مجاهد كل من آمن بالله ورسله فهو صديق قال المقاتلان هم الذين لم يشكوا في الرسل حين أخبروهم ولم يكذبوهم وقال مجاهد هذه الآية للشهداء خاصة وهم الأنبياء الذين يشهدون للأمم وعليهم واختار هذا الفراء والزجاج وقال مقاتل بن سليمان هم الذين استشهدوا في سبيل الله وكذا قال ابن جرير وقيل هم أمم الرسل يشهدون يوم القيامة لأنبيائهم بالتبليغ والظاهر أن معنى الآية إن الذين آمنوا بالله ورسله جميعا بمنزلة الصديقين والشهداء المشهورين بعلو الدرجة عند الله وقيل إن الصديقين هم المبالغون في الصدق حيث آمنوا بالله وصدقوا جميع رسله والقائمون لله سبحانه بالتوحيد ثم بين سبحانه ما لهم من الخير بسبب ما اتصفوا به من الإيمان بالله ورسله فقال ( لهم أجرهم ونورهم ) والضمير الأول راجع إلى الموصول والضميران الأخيران راجعان إلى الصديقين والشهداء أي لهم مثل أجرهم ونورهم وأما على قول من قال إن الذين آمنوا بالله ورسله هم نفس الصديقين والشهداء فالضمائر الثلاثة كلها راجعة إلى شيء واحد والمعنى لهم الأجر والنور الموعودان لهم ثم لما ذكر حال المؤمنين وثوابهم ذكر حال الكافرين وعقابهم فقال ( والذين كفروا وكذبوا بآياتنا ) أي جمعوا بين الكفر وتكذيب الآيات والإشارة بقوله ( أولئك ) إلى الموصول باعتبار ما في صلته من اتصافهم بالكفر والتكذيب وهذا مبتدأ وخبره ( أصحاب الجحيم ) يعذبون بها ولا أجر لهم ولا نور بل عذاب مقيم وظلمة دائمة


الصفحة التالية
Icon