"""""" صفحة رقم ١٧٩ """"""
وبدلو وتركوا الترهب ولم يبق على دين عيسى إلا قليل منهم وهم المرادون بقوله ( فآتينا الذين آمنوا منهم أجرهم ) الذي يستحقونه بالإيمان وذلك لأنهم آمنوا بعيسى وثبتوا على دينه حتى آمنوا بمحمد ( ﷺ ) لما بعثه الله ( وكثير منهم فاسقون ) خارجون عن الإيمان بما امروا أن يؤمنوا به ووجه الذم لهم على تقدير أن الاستثناء منقطع أنهم قد كانوا ألزموا أنفسهم الرهبانية معتقدين أنها طاعة وإن الله يرضاها فكان تركها وعدم رعايتها حق الرعاية يدل على عدم مبالاتهم بما يعتقدونه دينا وأما على القول بأن الاستثناء متصل وأن التقدير ما كتبناها عليهم لشيء من الأشياء إلا ليبتغوا بها رضوان الله بعد أن وفقناهم لابتداعها فوجه الذم ظاهر
الحديد :( ٢٨ ) يا أيها الذين.....
ثم أمر سبحانه المؤمنين بالرسل المتقدمين بالتقوى والإيمان بمحمد ( ﷺ ) فقال ٠ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ) بترك ما نهاكم عنه ( أمنوا برسوله ) محمد ( ﷺ ) ( يؤتكم كفلين من رحمته ) أي نصيبين من رحمته بسبب إيمانكم برسوله بعد آيمانكم بمن قبله من الرسل وأصل الكفل الحظ والنصيب وقد تقدم الكلام على تفسيره في سورة النساء ( ويجعل لكم نورا تمشون به ) يعني على الصراط كما قال نورهم يسعى بين أيديهم وقيل المعنى ويجعل لكم سبيلا واضحا في الدين تهتدون به ( ويغفر لكم ) ما سلف من ذنوبكم ( والله غفور رحيم ) أي بليغ المغفرة والرحمة
الحديد :( ٢٩ ) لئلا يعلم أهل.....
( لئلا يعلم اهل الكتاب ) اللام متعلقة بما تقدم من الأمر بالإيمان والتقوى والتقدير اتقوا وأمنوا يؤتكم كذا وكذا ليعلم الذين لم يتقوا ولا آمنوا من أهل الكتاب ( وأن لا يقدرون على شيء من فضل الله ) ولا في قوله لئلا زائدة للتوكيد قاله الفراء والأخفش وغيرهما وأن في قوله أن لا يقدرون هي المخففة من الثقيلة وأسمها ضمير شأن محذوف وخبرها ما بعدها والجملة في محل نصب على إنها مفعول يعلم والمعنى ليعلم أهل الكتاب أنهم لا يقدرون على أن ينالوا شيئا من فضل الله الذي تفضل به على من آمن بمحمد ( ﷺ ) ولا يقدرون على دفع ذلك الفضل الذي تفضل الله به على المستحقين له وجملة ( وأن الفضل بيد الله ) معطوفة على الجملة التي قبلها أي ليعلموا أنهم لا يقدرون وليعلموا أن الفضل بيد الله سبحانه وقوله ( يؤتيه من يشاء ) خبر ثان لأن أو هو الخبر والجار والمجرور في محل نصب على الحال ( والله ذو الفضل العظيم ) هذه الجملة مقررة لمضمون ما قبلها والمراد بالفضل هنا ما تفضل به على الذين أتقوا وآمنوا برسوله من الأجر المضاعف وقال الكلبي هو رزق الله وقيل نعم الله التي لا تحصى وقيل هو الإسلام وقد قيل إن لا في لئلا غير مزيدة وضمير لا يقدرون للنبي ( ﷺ ) وأصحابه والمعنى لئلا يعتقد أهل الكتاب أنه لا يقدر النبي والمؤمنين والمؤمنون على شيء من فضل الله الذي هو عبارة عما أوتوه والأول أولى وقرأ ابن مسعود لكيلا يعلم وقرأ خطاب بن عبدالله لأن يعلم وقرأ عكرمة ليعلم وقرىء ليلا بقلب الهمزة ياء وقرىء بفتح اللام
الآثار الواردة في تفسير الآيات
وقد اخرج عبد بن حميد والحكيم والترمذي في نوادر الأصول وأبو يعلي وأبن جرير وابن المنذر وأبن أبي حاتم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الشعب من طرق أبن مسعود قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله سلم يا عبد الله قلت لبيك يا رسول الله ثلاث مرات قال هل تدري رأي عرى الإسلام أوثق قلت الله ورسوله أعلم قال أفضل الناس أفضلهم عملا إذا فقهوا في دينهم يا عبد الله هل تدري أي الناس أعلم قلت الله ورسوله اعلم قال فإن أعلم الناس أبصرهم بالحق إذا اختلف الناس وإن كان مقصرا بالعمل وإن كان يزحف على أسته واختلف من كان قبلنا على اثنتين وسبعين فرقة نجا منها ثلاث وهلك سائرها فرقه وازرت الملوك وقاتلتهم على دين الله وعيسى أبن مريم وفرقة لم تكن لهم طاقة بموازرة الملوك فأقاموا بين ظهراني قومهم


الصفحة التالية
Icon