"""""" صفحة رقم ١٩٠ """"""
ابن أسلم نزلت بسبب أن المنافقين واليهود كانوا يناجون النبي ( ﷺ ) ويقولون إنه أذن يسمع كل ما قيل له وكان لا لمنح أحدا من مناجاته وكان ذلك يشق على المسلمين لأن الشيطان كان يلقي في أنفسهم أنهم ناجوه بأن جموعا اجتمعت لقتاله فأنزل الله يا أيها الذين آمنوا إذا تناجيتم فلا تتناجوا بالإثم والعدوان ومعصيت الرسول فلم ينتهوا فأنزل الله هذه الآية فانتهى أهل الباطل عن النجوى لأنهم لم يقدموا بين يدي نجواهم صدقة وشق ذلك على أهل الإيمان وامتنعوا عن النجوى لضعف كثير منهم عن الصدقة فخفف الله عنهم بالآية التي بعد هذه والإشارة بقوله ( ذلك ) إلى ما تقدم من تقديم الصدقة بين يدي النجوى وهو مبتدأ وخبره ( خير لكم وأطهر ) لما فيه من طاعة الله وتقييد الأمر بكون امتثاله خيرا لهم من عدم الامتثال وأطهر لنفوسهم يدل على أنه أمر ندب لا أمر وجوب ( فإن لم تجدوا فإن الله غفور رحيم ) يعنى من كان منهم لا يجد تلك الصدقة المأمور بها بين يدي النجوى فلا حرج عليه في النجوى بدون صدقة
المجادلة :( ١٣ ) أأشفقتم أن تقدموا.....
( ءأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات ) أي أخفتم الفقر والعيلة لأن تقدموا ذلك والإشفاق الخوف من المكروه والاستفهام للتقرير وقيل المعنى أبخلتم وجمع الصدقات هنا باعتبار المخاطبين قال مقاتل بن حيان إنما كان ذلك عشر ليال ثم نسخ وقال الكلبي ما كان ذلك إلا ليلة واحدة وقال قتادة ما كان إلا ساعة من النهار ( فإذ لم تفعلوا ) ما أمرتم به من الصدقة بين يدي النجوى وهذا خطاب لمن وجد ما يتصدق به ولم يفعل وأما من لم يجد فقد تقدم الترخيص له بقوله ) فإن لم تجدوا فإن الله غفور رحيم ( ) وتاب الله عليكم ( بان رخص لكم في الترك وإذ على بابها في الدلالة على المضي وقيل هي بمعنى إذا وقيل بمعنى إن وتاب معطوف على لم تفعلوا أي وإذا لم تفعلوا وإذ تاب عليكم ( فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ) والمعنى إذا وقع منكم التثاقل عن امتثال الأمر بتقديم الصدقة بين يدي النجوى فاثبتوا على إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وطاعة الله ورسوله فيما تؤمرون به وتنهون عنه ( والله خبير بما تعملون ) لا يخفى عليه من ذلك شيء فهو مجازيكم وليس في الآية ما يدل على تقصير المؤمنين في امتثال هذا الأمر أما الفقراء منهم فالأمر واضح وأما من عداهم من المؤمنين فإنهم لم يكلفوا بالمناجاة حتى تجب عليهم الصدقة بل أمروا بالصدقة إذا أرادوا المناجاة فمن ترك المناجاة فلا يكون مقصرا في امتثال الأمر بالصدقة على أن في الآية ما يدل على أن الأمر للندب كما قدمنا وقد استدل بهذه الآية من قال بأنه يجوز النسخ قبل إمكان الفعل وليس هذا الاستدلال بصحيح فإن النسخ لم يقع إلا بعد إمكان الفعل وأيضا قد فعل ذلك البعض فتصدق بين يدي نجواه كما سيأتي
الآثار الواردة في تفسير الآيات وسبب النزول
وقد أخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان قال أنزلت هذه الآية ) إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس ( يوم جمعة ورسول الله ( ﷺ ) يومئذ في الصفة وفي المكان ضيق وكان يكرم أهل بدر من المهاجرين والأنصار فجاء ناس من أهل بدر وقد سبقوا إلى المجالس فقاموا حيال رسول الله ( ﷺ ) فقالوا السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته فرد النبي ( ﷺ ) عليهم ثم سلموا على القوم بعد ذلك فردوا عليهم فقاموا على أرجلهم ينتظرون أن يوسع لهم فعرف النبي ( ﷺ ) ما يحملهم على القيام فلم يفسح لهم فشق ذلك عليه فقال لمن حوله من المهاجرين والأنصار من غير أهل بدر قم يا فلان وأنت يا فلان فلم يزل يقيمهم بعدة النفر الذين هم قيام من أهل بدر فشق ذلك على من أقيم من مجلسه فنزلت هذه الآية وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في الآية قال ذلك في مجلس القتال ( وإذا قيل


الصفحة التالية
Icon