"""""" صفحة رقم ٢٠٤ """"""
الحشر :( ١١ ) ألم تر إلى.....
لما فرغ سبحانه من ذكر الطبقات الثلاث من المؤمنين ذكر ما جرى بين المنافقين واليهود من المقاولة لتعجيب المؤمنين من حالهم فقال ( ألم تر إلى الذين نافقوا ) والخطاب لرسول الله أو لكل من يصلح له والذين نافقوا هم عبد الله بن أبي وأصحابه وجملة يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب ) مستأنفة لبيان المتعجب منه والتعبير بالمضارع لاستحضار الصورة أو للدلالة على الاستمرار وجعلهم إخوانا لهم لكون الكفر قد جمعهم وإن اختلف نوع كفرهم فهم إخوان في الكفر واللام في لإخوانهم هي لام التبليغ وقيل هو من قول بني النضير لبني قريظة والأول أولى لأن بني النضير وبني فريظة هم يهود والمنافقون غيرهم واللام في قوله ٠ لئن أخرجتم ) هي الموطئة للقسم أي والله لئن أجرجتم من دياركم ( لنخرجن معكم ) هذا جواب القسم أي لنخرجن من ديارنا في صحبتكم ( ولا نطيع فيكم ) أي في شأنكم ومن أجلكم ( أحدا ) ممن يريد أن يمنعنا من الخروج معكم وإن طال الزمان وهو معنى قوله ( أبدا ) ثم لما وعدوهم بالخروج معهم وعدوهم بالنصرة لهم فقالوا ( وإن قوتلتم لننصرنكم ) على عدوكم ثم كذبهم سبحانه فقال ( والله يشهد إنهم لكاذبون ) فيما وعدوهم به من الخروج معهم والنصرة لهم
الحشر :( ١٢ ) لئن أخرجوا لا.....
ثم لما أجمل كذبهم فيما وعدوا به فصل ما كذبوا فيه فقال ( لئن أخرجوا لا يخرجون معهم ولئن قوتلوا لا ينصرونهم ) وقد كان الأمر كذلك فإن المنافقين لم يخرجوا مع من أخرج من اليهود وهم بنو النضير ومن معهم ولم ينصروا من قوتل من اليهود وهم بنو قريظة وأهل خيبر ( ولئن نصروهم ) أي لو قدر وجود نصرهم إياهم لأن ما نفاه الله لا يجوز وجوده قال الزجاج معناه لو قصدوا نصر اليهود ٠ ليولن الأدبار ) منهزمين ( ثم لا ينصرون ) يعني اليهود لا يصيرون منصورين إذا انهزم ناصرهم وهم المنافقون وقيل يعني لا يصير المنافقون منصورين بعد ذلك بل يذلهم الله ولا ينفعهم نفاقهم وقيل معنى الآية لا ينصرونهم طائعين ولئن نصروهم مكرهين ليولن الأدبار وقيل معنى لا ينصرونهم لا يدومون على نصرهم والأول أولى ويكون من باب قوله ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه
الحشر :( ١٣ ) لأنتم أشد رهبة.....
( لأنتم أشد رهبة في صدورهم من الله ) أي لأنتم يا معشر المسلمين أشد خوفا وخشية في صدور المنافقين أو صدور اليهود أو صدور الجميع من الله أي من رهبة الله والرهبة هنا بمعنى المرهوبية لأنها مصدر من المبني للمفعول وانتصابها على التمييز ( ذلك بأنهم قوم لا يفقهون ) أي ما ذكر من الرهبة الموصوفة بسبب عدم فقههم لشيء من الأشياء ولو كان لهم فقه لعلموا أن الله سبحانه هو الذي سلطكم عليهم فهو أحق بالرهبة منه دونكم
الحشر :( ١٤ ) لا يقاتلونكم جميعا.....
ثم اخبر سبحانه بمزيد فشلهم وضعف نكايتهم فقال ( لا يقاتلونكم جميعا ) يعني لا يبرز اليهود والمنافقون مجتمعين لقتالكم ولا يقدرون على ذلك ( إلا في قرى محصنة بالدروب والدور ( أو من وراء جدر ) أي من خلف الحيطان التي يستترون بها لجبنهم ورهبتهم قرأ الجمهور جدر بالجمع وقرأ أبن عباس مجاهد وابن محيصن وأبن كثير وأبو عمرو جدار بالإفراد واختار القراءة الأولى أبو عبيد وأبو حاتم لأنها موافقة لقوله قرى محصنة وقرأ بعض المكيين جدر بفتح الجيم وإسكان الدال وهي لغة في الجدار ( بأسهم بينهم شديد ) أي بعضهم غليظ فظ على بعض وقلوبهم مختلفة ونياتهم متباينة قال السدي المراد اختلاف قلوبهم حتى لا يتلقوا على أمر واحد وقال مجاهد بأسهم بينهم شديد بالكلام


الصفحة التالية
Icon