"""""" صفحة رقم ٢١٠ """"""
الممتحنة :( ١ ) يا أيها الذين.....
قال المفسرون نزلت ) يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء ( في حاطب بن أبي بلتعة حين كتب إلى مشركي قريش يخبرهم بمسير النبي ( ﷺ ) إليهم وسيأتي ذكر القصة آخر البحث إن شاء الله وقوله ( عدوي ) هو المفعول الأول ( وعدوكم ) معطوف عليه والمفعول الثاني أولياء وأضاف سبحانه العدو إلى نفسه تعظيما لجرمهم والعدو مصدر يطلق على الواحد والاثنين والجماعة والآية تدل على النهى عن موالاة الكفار بوجه من الوجوه ( تلقون إليهم بالمودة ) أي توصلون إليهم المودة على أن الباء زائدة أو هي سببية والمعنى تلقون إليهم أخبار النبي ( ﷺ ) بسبب المودة التي بينكم وبينهم قال الزجاج تلقون إليهم أخبار النبي ( ﷺ ) وسره بالمودة التي بينكم وبينهم والجملة في محل نصب على الحال من ضمير تتخذوا ويجوز أن تكون مستأنفة لقصد الإخبار بما تضمنته أو لتفسير موالاتهم إياهم ويجوز أن تكون في محل نصب صفة لأولياء وجملة ( وقد كفروا بما جاءكم من الحق ) في محل نصب على الحال من فاعل تلقون أو من فاعل لا تتخذوا ويجوز أن تكون مستأنفة لبيان حال الكفار قرأ الجمهور بما جاءكم بالباء الموحدة وقرأ الجحدري وعاصم في رواية عنه لما جاءكم باللام أي لأجل ما جاءكم من الحق على حذف المكفور به أي كفروا بالله والرسول لأجل ما جاءكم من الحق أو على جعل ما هو سبب للإيمان سببا للكفر توبيخا لهم ( يخرجون الرسول وإياكم ) الجملة مستأنفة لبيان كفرهم أو في محل نصب على الحال وقوله ( أن تؤمنوا بالله ربكم ) تعليل للإخراج أي يخرجونكم لأجل إيمانكم أو كراهة أن تؤمنوا ( إن كنتم خرجتم جهادا في سبيلي وابتغاء مرضاتي ) جواب الشرط محذوف أي إن كنتم كذلك فلا تلقوا إليهم بالمودة أو إن كنتم كذلك فلا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء وانتصاب جهادا وابتغاء على العلة أي إن كنتم خرجتم لأجل الجهاد في سبيلي ولأجل ابتغاء مرضاتي وجملة ( تسرون إليهم بالمودة ) مستأنفة للتقريع والتوبيخ أي تسرون إليهم الأخبار بسبب المودة وقيل هي بدل من قوله تلقون ثم أخبر سبحانه بأنه لا يخفى عليه من أحوالهم شيء فقال ( وأنا اعلم بما أخفيتم وما أعلنتم ) والجملة في محل نصب على الحال أي بما أضمرتم وما أظهرتم والباء في بما زائدة يقال علمت كذا وعلمت بكذا هذا على أن أعلم مضارع وقيل هو أفعل تفضيل أي أعلم من كل أحد بما تخفون وما تعلنون ( ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل ) أي من يفعل ذلك الاتخاذ لعدوي وعدوكم أولياء ويلقى إليهم بالمودة فقد أخطأ طريق الحق والصواب وضل عن قصد السبيل
الممتحنة :( ٢ ) إن يثقفوكم يكونوا.....
( إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداء ) أي إن يلقوكم ويصادفوكم يظهروا لكم ما في قلوبهم من العداوة ومنه المثاقفة وهي طلب مصادفة الغرة في المسابقة وقيل المعنى إن يظفروا بكم ويتمكنوا منكم والمعنيان متقاربان ( ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء ) أي يبسطوا إليكم أيديهم بالضرب ونحوه وألسنتهم بالشتم ونحوه ( وودوا لو تكفرون ) هذا معطوف على جواب الشرط أو على جملة الشرط والجزاء ورجح هذا أبو حيان والمعنى أنهم تمنوا ارتدادهم وودوا رجوعهم إلى الكفر
الممتحنة :( ٣ ) لن تنفعكم أرحامكم.....
( لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم ) أي لا تنفعكم القرابات على عمومها ولا الأولاد وخصهم بالذكر مع دخولهم في الأرحام لمزيد المحبة لهم والحنو عليهم والمعنى أن هؤلاء لا ينفعونكم حتى توالوا الكفار لأجلهم كما وقع في قصة حاطب بن أبي بلتعة بل الذي ينفعكم هو ما أمركم الله به من معاداة الكفار وترك موالاتهم وجملة ( يوم القيامة يفصل بينكم ) مستأنفة لبيان عدم نفع الأرحام والأولاد في ذلك اليوم ومعنى ( يفصل بينكم ) يفرق بينكم فيدخل أهل طاعته الجنة وأهل معصيته النار وقيل المراد بالفصل بينهم