"""""" صفحة رقم ٢٢١ """"""
وأشرفها لأن من كان كذلك فحقه أن لا يفتري على غيره الكذب فكيف يفتري على ربه قرأ الجمهور وهو يدعي من الدعاء مبنيا للمفعول وقرأ طاحة بن مصرف يدعي بفتح الياء وتشديد الدال من الادعاء مبنيا للفاعل وإنما عدى بإلى لأنه ضمن معنى الانتماء والانتساب ( والله لا يهدي القوم الظالمين ) هذه الجملة مقررة لمضمون ما قبلها والمعنى لا يهدي من اتصف بالظلم والمذكورون من جملتهم
الصف :( ٨ ) يريدون ليطفئوا نور.....
( يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم ) الإطفاء الإخماد وأصله في النار واستعير لما يجري مجراها من الظهور والمراد بنور الله القرآن أي يريدون إبطاله وتكذيبه بالقول أو الإسلام أو محمد ( ﷺ ) أو الحجج والدلائل أو جميع ما ذكر ومعنى بأفواههم بأقوالهم الخارجة من أفواههم المتضمنة للطعن ( والله متم نوره ) بإظهار في الآفاق وإعلائه على غيره قرأ ابن كثير وحمزة والكسائي وحفص عن عاصم متم نوره بالإضافة والباقون بتنوين متم ( ولو كره الكافرون ) ذلك فإنه كائن لا محالة والجملة في محل نصب على الحال قال ابن عطية واللام في ليطفئوا لام مؤكدة دخلت على المفعول لأن التقدير يريدون أن يطفئوا وأكثر ما تلزم هذه اللام المفعول إذا تقدم كقولك لزيد ضربت ولرؤيتك قصدت وقيل هي لام العلة والمفعول محذوف أي يريدون إبطال القرآن أو دفع الإسلام أو هلاك الرسول ليطفئوا وقيل إنها بمعنى أن الناصبة وأنها ناصبة بنفسها قال الفراء العرب تجعل لام كي في موضع أن في أراد وأمر وإليه ذهب الكسائي ومثل هذا قوله يريد الله ليبين لكم
الصف :( ٩ ) هو الذي أرسل.....
وجملة ( هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ) مستأنفة مقررة لما قبلها والهدى القرآن أو المعجزات ومعنى دين الحق الملة الحقة وهي ملة الإسلام ومعنى ليظهره ليجعله ظاهرا على جميع الأديان عاليا عليها غالبا لها ولو كره المشركون ذلك فإنه كائن لا محالة قال مجاهد ذلك إذا نزل عيسى لم يكن في الأرض دين إلا دين الإسلام والدين مصدر يعبر به عن الأديان المتعددة وجواب لو في الموضعين محذوف والتقدير أتمه وأظهره
الآثار الواردة في تفسير الآيات وسبب النزول
وقد أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس قال كان ناس من المؤمنين قبل أن يفرض الجهاد يقولون وددنا لو أن الله أخبرنا بأحب الأعمال فنعمل به فأخبر الله نبيه ( ﷺ ) أن أحب الأعمال إيمان بالله لا شك فيه وجهاد أهل معصيته الذين خالفوا الإيمان ولم يقروا به فلما نزل الجهاد كره ذلك أناس من المؤمنين وشق عليهم أمره فقال الله ( يا أيها الذين آمنوا لم تقولون مالا تفعلون ) وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عنه في قوله ( كبر مقتا عند الله أن تقولوا مالا تفعلون ) قال هذه الآية في القتال وحده وهم قوم كانوا يأتون النبي ( ﷺ ) فيقول الرجل قاتلت وضربت بسيفي ولم يفعلوا فنزلت وأخرج عبد بن حميد وابن مردويه عنه أيضا قال قالوا لو نعلم أحب الأعمال إلى الله لفعلناه فأخبرهم الله فقال ( إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص ) فكرهوا ذلك فأنزل الله ( يا أيها الذين آمنوا لم تقولون مالا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا مالا تفعلون ) وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عنه أيضا ( كأنهم بنيان مرصوص ) قال مثبت لا يزول ملصق بعضه على بعض وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن جبير بن مطعم قال قال رسول الله ( ﷺ ) إن لي أسماء أنا محمد وأنا أحمد وأنا الحاشر الذي يحشر الله الناس على قدمي وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر وأنا العاقب والعاقب الذي ليس بعده نبي


الصفحة التالية
Icon